responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 214
تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ، وَهُوَ يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ لَا يَتْرُكُهُ فَإِنَّ مَنِ اسْتَحَى مِنْ شَيْءٍ تَرَكَهُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحَيَاءَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ مِنْ طَلَبِ الْحَقِّ وَمَعْرِفَتِهِ.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: قَدْ يُقَالُ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّأْوِيلِ فِي الْإِثْبَاتِ كَحَدِيثِ: " «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ» " وَأَمَّا النَّفْيُ فَالْمُسْتَحِيلَاتُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى تُنْفَى، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ مُمْكِنًا، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدِ النَّفْيُ عَلَى الِاسْتِحْيَاءِ مُطْلَقًا بَلْ وَرَدَ عَلَى الِاسْتِحْيَاءِ مِنَ الْحَقِّ، فَيَقْتَضِي بِالْمَفْهُومِ أَنَّهُ يَسْتَحِي مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ فَعَادَ إِلَى جَانِبِ الْإِثْبَاتِ فَاحْتِيجَ إِلَى تَأْوِيلِهِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدَّمْتُ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ قَوْلِهَا لَمَّا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ مِنَ السُّؤَالِ عَنْ أَمْرٍ يَسْتَحِي النِّسَاءُ مِنْ ذِكْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا بُدٌّ مِنْهُ.
قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا أَصْلٌ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْبُلَغَاءُ فِي ابْتِدَاءِ كَلَامِهِمْ مِنَ التَّمْهِيدِ لِمَا يَأْتُونَ بِهِ بَعْدَهُ، وَوَجْهُ حُسْنِهِ أَنَّ الِاعْتِذَارَ إِذَا تَقَدَّمَ أَدْرَكَتْهُ النَّفْسُ صَافِيًا مِنَ الْعَيْبِ فَتَدْفَعُهُ، وَإِذَا تَأَخَّرَ اسْتَقْبَلَتِ النَّفْسُ الْمُعْتَذَرَ عَنْهُ فَأَدْرَكَتْ قُبْحَهُ حَتَّى يَرْفَعَهُ الْعُذْرُ وَالدَّفْعُ أَسْهَلُ مِنَ الرَّفْعِ.
(هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ) زَائِدَةٌ وَسَقَطَتْ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ (غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ) افْتَعَلَتْ مِنَ الْحُلْمِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَهُوَ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي مَنَامِهِ، يُقَالُ مِنْهُ حَلَمَ وَاحْتَلَمَ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَمْرٌ خَاصٌّ مِنْهُ، وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَلِأَحْمَدَ «عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا فِي الْمَنَامِ أَتَغْتَسِلُ» ؟ وَفِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: " لَا يَحْتَلِمُ وَرِعٌ إِلَّا عَلَى أَهْلِهِ ".
(فَقَالَ: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ) أَيِ الْمَنِيَّ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ، زَادَ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ: «فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَعْنِي وَجْهَهَا وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: " نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَلِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا» " وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَظْهَرُ مِنَ السِّيَاقِ، أَيْ أَتَرَى الْمَرْأَةُ الْمَاءَ وَتَحْتَلِمُ؟ وَكَذَا رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَصْحَابُ هِشَامٍ عَنْهُ سِوَى مَالِكٍ فَلَمْ يَذْكُرْهَا، وَلِلْبُخَارِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ: فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا تَبَسَّمَتْ تَعَجُّبًا وَغَطَّتْ وَجْهَهَا اسْتِحْيَاءً.
وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ، فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَضَحْتِ النِّسَاءَ، وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كِتْمَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِنَّ، وَفِيهِ وُجُوبُ غُسْلِ الْمَرْأَةِ بِالْإِنْزَالِ فِي الْمَنَامِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِلْمَرْأَةِ مَاءٌ؟ فَقَالَ: " هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» ".
وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ فَقَالَ: إِذَا رَأَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَاءَ كَمَا يَرَاهُ الرَّجُلُ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ لَا يَبْرُزُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ إِنْزَالُهَا بِشَهْوَتِهَا.
وَحَمَلَ قَوْلَهُ: إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ أَيْ عَلِمَتْ بِهِ لِأَنَّ وُجُودَ الْعِلْمِ هُنَا مُتَعَذَّرٌ لِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِهِ عِلْمَهَا بِذَلِكَ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ، لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ رَأَى أَنَّهُ جَامَعَ وَعَلِمَ أَنَّهُ أَنْزَلَ فِي النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلَمْ يَرَ بَلَلًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا، فَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ عِلْمَهَا بِذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اسْتَيْقَظَتْ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَمِرُّ فِي الْيَقَظَةِ مَا كَانَ فِي النَّوْمِ إِلَّا إِذَا

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست