responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 121
جَمِيعِ الْقُرْآنِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، قَالَ: فَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ بِالِاحْتِيَاطِ، وَوَقَفَ زُفَرُ مَعَ الْمُتَيَقَّنِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لِدُخُولِهِمَا بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عُثْمَانَ: " فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ حَتَّى مَسَّ أَطْرَافَ الْعَضُدَيْنِ " وَفِيهِ عَنْ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا تَوَضَّأَ أَدَارَ الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ» " وَفِي الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: " «ثُمَّ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِرْفَقَ» ".
وَفِي الطَّحَاوِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: " «ثُمَّ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى مِرْفَقَيْهِ» " فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا.
قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: إِلَى فِي الْآيَةِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْغَايَةِ وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي إِيجَابِ دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، فَعَلَى هَذَا فَزُفَرُ مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ، وَكَذَا مَنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ صَرِيحًا وَإِنَّمَا حَكَى عَنْهُ أَشْهَبُ كَلَامًا مُحْتَمَلًا.
(ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ) زَادَ ابْنُ الطَّبَّاعِ كُلَّهُ، وَلِأَبِي مُصْعَبٍ بِرَأْسِهِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ فَيَجُوزُ حَذْفُهَا وَإِثْبَاتُهَا لِذَلِكَ، يُقَالُ: مَسَحْتُ رَأْسَ الْيَتِيمِ وَمَسَحْتُ بِرَأْسِهِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا دَخَلَتِ الْبَاءُ لِتُفِيدَ مَعْنًى بَدِيعًا وَهُوَ أَنَّ الْغَسْلَ لُغَةً يَقْتَضِي مَغْسُولًا بِهِ وَالْمَسْحَ لَا يَقْتَضِي مَمْسُوحًا بِهِ، فَلَوْ قِيلَ: (رُءُوسَكُمْ) لَأَجْزَأَ الْمَسْحُ بِالْيَدِ إِمْرَارًا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ عَلَى الرَّأْسِ فَدَخَلَتِ الْبَاءُ لِتُفِيدَ مَمْسُوحًا بِهِ وَهُوَ الْمَاءُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمُ الْمَاءَ وَذَلِكَ فَصِيحٌ فِي اللُّغَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ، إِمَّا عَلَى الْقَلْبِ كَمَا أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
كَنَوَاحِ رِيشِ حَمَامَةٍ نَجْدِيَّةٍ ... وَمَسَحْتُ بِاللِّثتَيْنِ عَصْفَ الْإِثْمِدِ
وَاللِّثَةُ هِيَ الْمَمْسُوحَةُ بِعَصْفِ الْإِثْمِدِ، وَإِمَّا عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْفِعْلِ وَالتَّسَاوِي فِي مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ:
مِثْلُ الْقَنَافِذِ هَذَا جَوْنٌ قَدْ بَلَغَتْ ... نَجْرَانَ أَوْ بَلَغَتْ سَوْءَاتُهُمْ هَجَرْ
انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّجُلِ يَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ فِي وُضُوئِهِ أَيُجْزِيهِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: " «مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وُضُوئِهِ مِنْ نَاصِيَتِهِ إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّ يَدَيْهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَمَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ» " فَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْآيَةِ مُحْتَمِلًا مَسْحَ الْكُلِّ فَالْبَاءُ زَائِدَةٌ أَوِ الْبَعْضِ فَتَبْعِيضِيَّةٌ، فَقَدْ تَبَيَّنَ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ إِلَّا فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ «مَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ لِعُذْرٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِمَسْحِ النَّاصِيَةِ حَتَّى مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَسْحُ كُلِّ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست