اسم الکتاب : شرح الأربعين النووية المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 13
المعاصرة مع إمكان اللقيّ وإن لم يثبت لقيه، وقد أنكر على من يشترط اللقاء في أول الصحيح إنكاراً عجيباً، فالصواب ما ذكره البخاري - رحمه الله - أنه لابد من ثبوت اللقي. لكن ذكر العلماء أن سياق مسلم - رحمه الله - أحسن من سياق البخاري، لأنه - رحمه الله- يذكر الحديث ثم يذكر شواهده وتوابعه في مكان واحد، والبخاري - رحمه الله - يفرِّق، ففي الصناعة صحيح مسلم أفضل، وأما في الرواية والصحة فصحيح البخاري أفضل.
تشاجر قومٌ في البخاري ومسلم
وقالوا: أيّ زين تقدّم
فقلت: لقد فاق البخاري صحة لديّ
كما فاق في حسن الصناعة مسلم
قال بعض أهل العلم: ولولا البخاري ما ذهب مسلم ولا راح، لأنه شيخه.
فالحديث إذاً صحيح يفيد العلم اليقيني، لكنه ليس يقينياً بالعقل وإنما هو يقيني بالنظر لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من فوائد هذا الحديث:
. [1]هذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، ولهذا قال العلماء: مدار الإسلام على حديثين: هما هذا الحديث، وحديث عائشة: مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلِيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ [1] فهذا الحديث عمدة أعمال القلوب، فهو ميزان الأعمال الباطنة، وحديث عائشة: عمدة أعمال الجوارح، مثاله:
رجل مخلص غاية الإخلاص، يريد ثواب الله عزّ وجل ودار كرامته، لكنه وقع في بدع كثيرة. فبالنظر إلى نيّته: نجد أنها نيّة حسنة. وبالنظر إلى عمله: نجد أنه عمل سيء مردود، لعدم موافقة الشريعة. [1] رواه البخاري: كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، حديث (2697) ، ومسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، حديث (1718) (17) .
اسم الکتاب : شرح الأربعين النووية المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 13