اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 81
الحسنات والسيئات) أي: أمر الحفظة بكتابتهما، أو كتبهما في علمه على وفق الواقع منهما أو قدر مبالغ تضعيفهما (ثم بين) أي: الله تعالى، وجعل الضمير له مبني على ما مر من أن المراد بعن ربه عن حكمته أو فضله وقد علمت ما فيه، و «ثم» للترتيب الذكرى (بين ذلك) للكتبة من الملائكة حتى عرفوه واستغنوا به عن الاستفسار كل وقت كيف يكتبونه (فمن هم بحسنة) أي: أرادها وترجح فعلها عنده، فعلم منه بالأولى العزم وهو الجزم بفعلها والتصميم عليه (فلم يعملها كتبها الله عنده) هي عندية شرف ومكانة لتنزهه تعالى عن عندية المكان (حسنة) لأن الهم بالحسنة سبب إلى عملها وسبب الخير خير، أما الخطرة التي تخطر ثم تنفسخ من
غير عزم ولا تصميم فليست كذلك.
واستفيد من ذكر الحسنة هنا والمضاعفة فيما يأتي اختصاص المضاعفة بمن عمل دون من نوى، فهما في الأصل سواء وإن اختص العامل بالتضعيف، وقوله: (كاملة) وصف حسنة وذكر لئلا يظن أنها لكونها مجرد همّ ينقص ثوابها (وإن همّ بها) أي: بالحسنة (فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات) لأنه أخرجها من الهمّ إلى ديوان العمل، فكتب له بالهمّ حسنة ثم ضوعفت فصارت عشراً، وهذا التضعيف لازم لكل حسنة تعمل. قال الله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} (الأنعام: 160) ثم قد تضاعف بعد لمن شاءالله. قال الله تعالى: {وا يضاعف لمن يشاء} (البقرة: 261) مضاعفة أخرى (إلى سبعمائة ضعف) علي حسب ما اقترن بها من إخلاص نيته وإيقاعها في محلها الذي هي به أولى وأحرى. وفي رواية في «الصحيحين» أيضاً «إلى تسعمائة ضعف إلاّ الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» وفيها دليل على أن الصوم لا يعلم قدر مضاعفة ثوابه إلا الله تعالى لأنه أفضل أنواع الصبر، وقد قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمرة: 10) (إلى أضعاف كثيرة) وكثيرة هذه وإن كانت نكرة إلا أنها أشمل من المعرفة فتقضي لهذا أن يحسب توجيه الكثرة على أكثر ما يمكن. كتصدق بحبة برّ مثلاً
اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 81