اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 244
يجعلوا كأن للتشبيه حيث وقعت، وليس ذلك بصحيح إنما تكون تشبيهاً محضاً إذا وقع في الخبر اسم ممثل به اسمها ويكون الخبر أرفع من الاسم أو أحط منه نحو: كأن زيداً ملك، أو كأن عمراً حمار. أما إذا كان خبرها فعلاً أو ظرفاً أو مجروراً أو صفة من صفات اسمها فإنها يدخلها حينئذٍ معنى الظن والحسبان نحو: كأن زيداً قائم أو في الدار، فلست تشبه زيداً بشيء هاهنا، وإنما تظن أنه قائم أو في الدار انتهى بلفظه. لكن الذي صححه ابن مالك وأبو حيان والرضي وغيرهم ما ذهب إليه الجمهور من أن التشبيه لا يفارقها، وأن ما أوهم خلافه مؤول (ألم) استفهام تقريري (تكن أبرص تقذرك) بفتح الذال المعجمة: أي: تكرهك (الناس) أي: فعافاك الله (فقيراً) أي: محتاجاً (فأعطاك ا؟ فقال إنما ورثت) بتشديد الراء مبني للمفعول وبتخفيفها مبني للفاعل (هذا المال كابراً عن كابر) أي: كبيراً عن كبير في العزّ والشرف: أي: ورثته عن أبي وجدي.
وحاصله إنكار تلك الحال ودعوى أنه نشأ في تلك الأحوال فهي غير متجددة عليه، وهذا من إنكار النعم وكفر المنعم، حمله عليه البخل، وحق العبد ألا يزال لنعم مولاه شاكراً ولأحواله التي كان عليها وآل إليها ذاكراً. وفي الحوض المورود للشيخ عبد الوهاب الشعراني: أخذ علينا العهود إذا حصل لنا ضخامة وقيام ناموس بين الناس ألا ننسى صفتنا التي كنا عليها قبل من الثياب الخلقة وخدمة الناس وضيق المعيشة ونحو ذلك، وذلك لنعرف الله بالنعم، فإن من نسي حاله أيام صغره قلّ شكره، وربما قال: نحن بحمد الله نشأنا في الضخامة أباً عن جدّ ليوهم من لم يعرفه أن حاله لم يزل كذلك. وقد دخل شخص على معنبن زائدة فقال له:
أتذكر إذ قميصك جلد شاة
وإذ نعلاك من جلد البعير
فقال معن: أذكر والحمد رب العالمين. فقال:
Y
فقد جلّ الذي أعطاك ملكاً
وعلمك الجلوس على السرير
فقال: جل ربي وعز. فقال:
فجد لي يابن ناقصة بمال
فإني قد عزمت على المسير
فأمر له بمال جزيل وشكر له تذكيره الحالة التي لعله نسيها اهـ. وقال القرطبي: حمل هذا القائل بخله على نسيان منة الله تعالى وجحد نعمه وعلى الكذب، ثم أورثه ذلك سخطه
اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 244