اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 124
والثلاثة مرفوع على الصفة لأي تبعاً للفظها ومحلها نصب على الاختصاص.
حكى سيبويه عن العرب: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة، وهذا مثله (من بين) أي دون (من) أي سائر الذي (تخلف عنه) وذلك لرفع شأن هؤلاء الكرام وإعراضه عن باقي المتخلفين لأنهم اعتذروا، ومنهم المعذور حقيقة، ومنهم المنافقون اعتذروا ظاهراً فقبل منهم ذلك لأن الأحكام الشرعية مبناها عليه، وقد فضح الله سرائرهم وأظهر للمؤمنين ضمائرهم كما يأتي آخر الحديث (قال فاجتنبنا) بفتح الموحدة (الناس) أي: صاروا لنا مجانبين (أو) شك من الراوي (قال) فـ (تغيروا لنا) عما كنا نعهده من الأنس والوداد منهم (حتى تنكرت) غاية لما قبلها وتنكرت تغيرت (لي في نفسي الأرض) فاعل تنكر والظرفان متعلقان به: أي تغيرت لي لا لغيري في نفسي، أي عندهما لا في نفس الأمر.
وحاصله أن تكدر الأحوال يوهم النفس تغير الدار ويخيل إليها ما لم يقع بحال (فما هي) أي: الأرض الآن (بالأرض التي أعرف) والحاصل أنه لعظم ما اشتدّ عليه الأمر توهم أنه تغير عليه كل شيء حتى الأرض، فإنها توحشت وصارت كأنها غير الأرض التي كان يعرفها قبل ذلك (فلبثنا) أي: أقميها (على ذلك) المذكور من الانتظار لما يبدو في عالم الشهادة مما سبق به القضاء، وهجر الناس لنا (خمسين ليلة) أي: ونهاراً، وحذف اكتفاء بذكر قرينه للعلم به من السياق.
(فأما) بفتح الهمزة تفصيل لبعض حاله وحال صاحبيه (صاحباي) أي: المشاركان لي في هذا الحال (فاستكانا) أي: خضعا (وقعدا في بيوتهما يبكيان) أي: على خطيئتهما ففيه بكاء الإنسان على خطيئته، وفي الحديث: «وابك على خطيئتك وليسعك بيتك» (وأما أنا فكنت أشبّ القوم) بالمعجمة فالموحدة أي: أصغرهم سناً (وأجلدهم) أي: أقواهم (فكنت أخرج) إلى المسجد وغيره (فأشهد الصلاة) أي: المفروضة (مع النبيّ) أي أشهد الجماعة في الصلوات المكتوبات (وأطوف) بفتح الهمزة وبالمهملة أي: أمشي دائراً (في الأسواق) جمع سوق، وتقدم أنها سميت بذلك لسوق الناس بضائعهم إليها، وقيل: للوقوف فيها على الساق. وتعقب باختلاف المادة، ولعل من حكمة طوفانه في الأسواق أنها من محال كرم الله
اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 124