اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 110
غلبت عليه الرهبانية واغترّ بوصف الناس له بالعلم فأفتى بغير علم فهلك في نفسه وأهلك غيره.
والثاني كان مشتغلاً بالعلم فوفق للحق فأحياه الله وأحيا به اهـ. وقوله: «كذا وكذا» كأن الراوي شك في اللفظ فكنى عنه بذلك، وهي من ألفاظ الكنايات مثل كيت وكيت، ومعناه مثل ذا، قاله في «النهاية» . وقوله: (فإن بها أناساً) بضم الهمزة (يعبدون الله تعالى فاعبد الله تعالى معهم) أتى بالمظهر والمقام للضمير استلذاذاً فذكر المحبوب محبوب (ولا ترجع إلى أرضك) أي: التي كنت بها زمن العصيان (فإنها أرض سوء) بفتح المهملة، وفيه تنبيه على وجه استبدال تلك الأرض بأرضه، وفيه الانقطاع عن إخوان السوء ومقاطعتهم ما داموا على حالهم واستبدال صحبة أهل الخير والعلم والصلاح والعبادة والورع ومن يقتدى به وينتفع بصحبته لتتأكد بذلك توبته وتقوى أوبته، فإن كل قرين يقتدي بقرينه (فانطلق) تائباً من زلته مفارقاً لمحلته قاصداً لما أمر بالرحلة إليه واستمرّ كذلك (حتى إذا نصف الطريق) بتخفيف الصاد المهملة المفتوحة: أي بلغ نصفها (أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى) قال القرطبي: هذا نصّ صريح في أن الله تعالى أطلع ملائكة الرحمة على ما في قلبه من صحة قصده إلى التوبة وحرصه عليها. وأن ذلك خفي على ملائكة العذاب حتى أخبر عنها بقوله: (وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط) بضم الطاء ظرف لاستغراق الزمن الماضي، إذ لو اطلعت على ما فيه قلبه من التوبة لما صح لها أن تقول هذا ولا أن تنازع ملائكة الرحمة في قولها إنه جاء تائباً الخ، بل كانت تشهد بما في علمها كما شهد الأولون بما تحققوه، ولما كانت شهادة ملائكة الرحمة على إثبات وملائكة العذاب على عدم، وشهادة الإثبات مقدمة فلا جرم لما حصل التنازع بين الصنفين وخرج كلاهما عن الشهادة إلى الدعاوى بعث الله إليهما ملكاً حاكماً يفصل بينهما كما قال: (فأتاهم ملك في صورة آدمي) صوّر بصورته إخفاء عن الملائكة وتنويهاً ببني آدم،
وأن منهم من يصلح لأن يفصل بين الملائكة إذا تنازعوا (فجعلوه بينهم) حجة لمن قال بلزوم حكم المحكم للخصمين المتراضيين به (فقال: قيسوا ما بين الأرضين) أي: التي خرج منها والتي ذهب
اسم الکتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين المؤلف : ابن علان الجزء : 1 صفحة : 110