اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل المؤلف : ابن رجب الحنبلي الجزء : 1 صفحة : 246
وأما قتلُ الواحد الممتنع عنها، فأكثرُ العلماء على أنَّه يُقتَلُ الممتنع من الصلاة، وهو قولُ مالك والشافعي وأحمد وأبي عُبيد، وغيرهم [1] ،
ويَدلُّ على ذلك ما في
" الصحيحين " [2] عن أبي سعيد الخدريّ: أنَّ خالدَ بنَ الوليد استأذن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في قتل رجل، فقال: ((لا، لعله أنْ يكونَ يُصلي)) ، فقال خالد: وكم مِنْ مُصَلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنِّي لم أُومَر أنْ أُنَقِّبَ عن قلوبِ الناسِ ولا أشُقَّ بُطونَهُم [3]) ) .
وفي " مسند الإمام أحمد " [4] عن عُبيد الله بن عدي بن الخيار: أنَّ رجلاً منَ الأنصار حدَّثه أنَّه أتى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في قتل رجلٍ من المنافقين، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -
: ((أليس يَشهَدُ أنْ لا إله إلا الله؟)) قال: بلى، ولا شهادة له، قال: ((أليس
يُصلي؟)) قال: بلى، ولا صلاةَ له، قال: ((أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم)) .
وأما قتلُ الممتنع عن أداءِ الزكاة، ففيه قولان لمن قال: يقتل الممتنع من فعل الصلاة:
أحدهما: يقتل أيضاً، وهو المشهورُ عن أحمد، ويستدلُّ له بحديث ابن عمر هذا [5] .
والثاني: لا يقتل، وهو قولُ مالك، والشافعي، وأحمد في رواية [6] . [1] قال الإمام ابن رشد القرطبي: ((وأما الواجب على من تركها عمداً وأُمر بها فأبى أنْ يصليها لا جحوداً لفرضها، فإنَّ قوماً ما قالوا: يقتل، وقوماً قالوا: يُعزر ويحبس، والذين قالوا يقتل منهم من أوجب قتله كفراً، وهو مذهب أحمد وإسحاق وابن المبارك وأبو إسحاق بن شاقلا والحسن البصري والنخعي وأيوب السختياني والشعبي والأوزاعي ومحمد بن الحسن وابن حزم وحماد بن زيد وابن حامد، ومنهم من أوجبه حَدَّاً وهو مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه. وأهل الظاهر ممن رأى حبسه وتعزيره حتى يُصلي. والسبب في هذا الاختلاف اختلاف الآثار)) .
انظر: بداية المجتهد 1/117، والأم 2/563، والحاوي الكبير 2/525، والإشراف على نكت مسائل الخلاف 1/352، والمحلى 2/155-156، والانتصار في المسائل الكبار 2/603-604، والمغني 2/297-298، والذخيرة في فروع المالكية 2/305، والواضح في شرح مختصر الخرقي 1/447، ومنتهى الإرادات 1/52، ونيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب 1/111-112، والفقه الإسلامي وأدلته 1/658، وفقه العبادات للعلامة محمد بن صالح العثيمين: 58 و109-110. [2] أخرجه: البخاري 5/207 (4351) ، ومسلم 3/110 (1064) (144) . [3] في (ص) : ((قلوبهم)) . [4] المسند 5/432 و433.
وأخرجه: أبو داود (4928) ، والبيهقي 3/367 و8/196، وابن عبد البر في " التمهيد " 10/150 و162 و163 و164 و165 و166 و167، وهو حديث صحيح. [5] انظر: الحاوي الكبير 2/526، والانتصار في المسائل الكبار 2/613، والمغني 2/298. [6] انظر: الانتصار في المسائل الكبار 2/613-614.
اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل المؤلف : ابن رجب الحنبلي الجزء : 1 صفحة : 246