responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 73
كَانَ الْمُهَاجِرُونَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ يُهَاجِرُونَ مِنْهَا إِلَى مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ هَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ مِنْهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى النَّجَاشِيِّ. فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْهِجْرَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النِّيَّاتِ وَالْمَقَاصِدِ بِهَا، فَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ حُبًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَرَغْبَةً فِي تَعَلُّمِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَإِظْهَارِ دِينِهِ حَيْثُ كَانَ يَعْجِزُ عَنْهُ فِي دَارِ الشِّرْكِ، فَهَذَا هُوَ الْمُهَاجِرُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَقًّا، وَكَفَاهُ شَرَفًا وَفَخْرًا أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مَا نَوَاهُ مِنْ هِجْرَتِهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَلِهَذَا الْمَعْنَى اقْتَصَرَ فِي جَوَابِ هَذَا الشَّرْطِ عَلَى إِعَادَتِهِ بِلَفْظِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ مَا نَوَاهُ بِهِجْرَتِهِ نِهَايَةُ الْمَطْلُوبِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِطَلَبِ دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَالْأَوَّلُ تَاجِرٌ، وَالثَّانِي خَاطِبٌ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمُهَاجِرٍ. وَفِي قَوْلِهِ: «إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» تَحْقِيرٌ لِمَا طَلَبَهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَاسْتِهَانَةٌ بِهِ، حَيْثُ لَمْ يُذْكَرْ بِلَفْظِهِ. وَأَيْضًا فَالْهِجْرَةُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاحِدَةٌ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهَا، فَلِذَلِكَ أَعَادَ الْجَوَابَ فِيهَا بِلَفْظِ الشَّرْطِ. وَالْهِجْرَةُ لِأُمُورِ الدُّنْيَا لَا تَنْحَصِرُ، فَقَدْ يُهَاجِرُ الْإِنْسَانُ لِطَلَبِ دُنْيَا مُبَاحَةٍ تَارَةً، وَمُحَرَّمَةٍ تَارَةً، وَأَفْرَادُ مَا يُقْصَدُ بِالْهِجْرَةِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَا تَنْحَصِرُ، فَلِذَلِكَ قَالَ: «فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ،» يَعْنِي كَائِنًا مَا كَانَ. وَقَدْ رُوِيَ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] الْآيَةَ (الْمُمْتَحَنَةِ: 10) . قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَلَّفَهَا بِاللَّهِ: مَا خَرَجَتْ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، وَبِاللَّهِ: مَا خَرَجَتْ رَغْبَةً بِأَرْضٍ عَنْ أَرْضٍ، وَبِاللَّهِ: مَا خَرَجَتِ الْتِمَاسَ دُنْيَا، وَبِاللَّهِ: مَا خَرَجَتْ إِلَّا

اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست