responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 319
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «التَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَابَ وَرَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ، لَمْ يُقْتَلْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَارِكٍ لِدِينِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ، وَلَا مَفَارِقٍ لِلْجَمَاعَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: بَلِ اسْتِثْنَاءُ هَذَا مِمَّنْ يَعْصِمُ دَمَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالشَّهَادَتَيْنِ، كَمَا يُقْتَلُ الزَّانِي الْمُحْصَنُ، وَقَاتِلُ النَّفْسِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، كَمَا حُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ، أَوْ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَنِ ارْتَدَّ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ كَانَ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ عَلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمُ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَإِسْحَاقُ، قِيلَ: إِنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ دِينِهِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، وَلَيْسَ هَذَا كَالثَّيِّبِ الزَّانِي، وَقَاتِلِ النَّفْسِ، لِأَنَّ قَتْلَهُمَا وَجَبَ عُقُوبَةً لِجَرِيمَتِهِمَا الْمَاضِيَةِ، وَلَا يُمْكِنُ تَلَافِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ، فَإِنَّمَا قُتِلَ لِوَصْفٍ قَائِمٍ بِهِ فِي الْحَالِ، وَهُوَ تَرْكُ دِينِهِ وَمُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ، فَإِذَا عَادَ إِلَى دِينِهِ، وَإِلَى مُوَافَقَةِ الْجَمَاعَةِ، فَالْوَصْفُ الَّذِي أُبِيحَ بِهِ دَمُهُ قَدِ انْتَفَى، فَتَزُولُ إِبَاحَةُ دَمِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ خَرَّجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: زَانٍ مُحْصَنٍ يُرْجَمُ، وَرَجُلٍ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَلُ، وَرَجُلٍ يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَيُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الرِّدَّةِ وَالْمُحَارَبَةِ.
قِيلَ: قَدْ خَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ

اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست