responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 306
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ حَدِيثَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» خَرَّجَاهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسُوءُهُ مَا يَسُوءُ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ، وَيُحْزِنُهُ مَا يُحْزِنُهُ.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي نَتَكَلَّمُ الْآنَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسُرُّهُ مَا يَسُرُّ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ، وَيُرِيدُ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَا يُرِيدُهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَأْتِي مِنْ كَمَالِ سَلَامَةِ الصَّدْرِ مِنَ الْغِلِّ وَالْغِشِّ وَالْحَسَدِ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَقْتَضِي أَنْ يَكْرَهَ الْحَاسِدُ أَنْ يَفُوقَهُ أَحَدٌ فِي خَيْرٍ، أَوْ يُسَاوِيَهُ فِيهِ، لِأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَمْتَازَ عَلَى النَّاسِ بِفَضَائِلِهِ، وَيَنْفَرِدَ بِهَا عَنْهُمْ، وَالْإِيمَانُ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يُشْرِكَهُ الْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ فِيمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مَنْ لَا يُرِيدُ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ وَلَا الْفَسَادَ، فَقَالَ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} [القصص: 83] (الْقَصَصِ: 83) . وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَرٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُعْجِبُهُ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ أَنْ يَكُونَ أَجْوَدَ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِ صَاحِبِهِ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] . وَكَذَا رُوِيَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ: لَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ نَعْلُهُ أَجْوَدَ مِنْ نَعْلِ غَيْرِهِ، وَلَا شِرَاكُهُ أَجْوَدَ مِنْ شِرَاكِ غَيْرِهِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ الْفَخْرَ عَلَى غَيْرِهِ لَا مُجَرَّدَ التَّجَمُّلِ، قَالَ عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: الْعُلُوُّ فِي الْأَرْضِ:

اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست