responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنوير الحوالك شرح موطأ مالك المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 175
[526] عَن بن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ مُرْسل عِنْد رُوَاته وَقد وَصله عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه جمَاعَة مِنْهُم يحيى بن صَالح الوحاظي وَعبد الله بن عون وحاتم بن سَالم الْقَزاز وَوَصله أَيْضا كَذَلِك جمَاعَة ثِقَات من أَصْحَاب بن شهَاب مِنْهُم بن عُيَيْنَة وَمعمر وَيحيى بن سعيد ومُوسَى بن عقبَة وَابْن أخي بن شهَاب وزايد بن سعد وعباس بن الْحسن الْحَرَّانِي على اخْتِلَاف عَن بَعضهم ثمَّ أسْند رواياتهم قلت رِوَايَة بن عُيَيْنَة أخرجهَا أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عقب إخْرَاجهَا هَكَذَا رَوَاهُ غير وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وروى معمر وَيُونُس بن يزِيد وَمَالك وَغَيرهم من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل الحَدِيث يرَوْنَ أَن الْمُرْسل أصح قَالَ بن الْمُبَارك حَدِيث الزُّهْرِيّ فِي هَذَا مُرْسل أصح من حَدِيث بن عُيَيْنَة وَقَالَ النَّسَائِيّ عقب إِخْرَاجه هَذَا خطأ وَالصَّوَاب مُرْسل قَالَ بن الْمُبَارك الْحفاظ عَن بن شهَاب ثَلَاثَة مَالك وَمعمر وَابْن عُيَيْنَة فَإِذا اتّفق اثْنَان على شَيْء وَخَالَفَهُمَا الآخر تركنَا قَول الآخر وَالْخُلَفَاء هَلُمَّ جرا قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام هَذَا كَلَام مُسْتَعْمل فِي الْعرف كثيرا وَذكره الْجَوْهَرِي فِي صحاحه فَقَالَ تَقول كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جرا إِلَى الْيَوْم وَفِي الْعباب للصغاني مثله وَقَالَ بن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الزَّاهِر معنى هَلُمَّ جرا سِيرُوا على هيئتكم أَي تثبتوا فِي سيركم وَلَا تجهدوا أَنفسكُم قَالَ وَهُوَ مَأْخُوذ من الْجَرّ وَهُوَ أَن تنزل الْإِبِل وَالْغنم ترعى فِي السّير قَالَ وَفِي انتصاب جرا ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن يكون مصدرا وضع مَوضِع الْحَال وَالتَّقْدِير هَلُمَّ جارين أَي متثبتين الثَّانِي أَن يكون على الْمصدر لِأَن فِي هَلُمَّ معنى جر فَكَأَنَّهُ قيل جروا جرا وَقَالَ بعض النَّحْوِيين جرا نصب على التَّمْيِيز وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وهلم جرا مَعْنَاهُ تعال على هيئتك وانتصاب جرا على أَنه مصدر فِي مَوضِع الْحَال أَي جارين قَالَه البصريون وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ مصدر لِأَن معنى هَلُمَّ جر وَقيل انتصب على التَّمْيِيز وَأول من قَالَه عَابِد بن زيد قَالَ فَإِن جَاوَزت مغْفرَة رمت بِي إِلَى أُخْرَى كتلك هَلُمَّ جرا قَالَ بن هِشَام وَبعد فعندي توقف فِي كَون هَذَا التَّرْكِيب عَرَبيا مَحْضا وَالَّذِي رَابَنِي مِنْهُ أُمُور الأول أَن إِجْمَاع النَّحْوِيين واللغويين مُنْعَقد على أَن لهلم مَعْنيين أَحدهمَا تعال فَتكون قَاصِرَة كَقَوْلِه تَعَالَى هَلُمَّ إِلَيْنَا أَي تَعَالَوْا إِلَيْنَا وَالْآخر أحضر فَتكون متعدية كَقَوْلِه تَعَالَى هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ أَي أحضروهم وَلَا مساغ لأحد الْمَعْنيين هُنَا الثَّانِي أَن إِجْمَاعهم مُنْعَقد على أَن فِيهَا لغتين حجازية وَهِي الْتِزَام استتارها ضميرها فَتكون اسْم فعل وتميمية وَهِي أَن يتَّصل بهَا ضمائر الرّفْع البارزة فَتكون فعلا وَلَا نَعْرِف لَهَا موضعا أَجمعُوا فِيهِ على الْتِزَام كَونهَا سَام فعل وَلم يق أحد أَنه سمع هلما جرا وَلَا هلموا جرا وَلَا هَلُمِّي جرا الثَّالِث أَن تخَالف الجملتين المتعاطفتين بِالطَّلَبِ وَالْخَبَر مُمْتَنع أَو ضَعِيف وَهُوَ لَازم هُنَا إِذا قلت كَانَ ذَلِك عَام أول وهلم جرا الرَّابِع أَن أَئِمَّة اللُّغَة الْمُعْتَمد عَلَيْهِم لم يتَعَرَّضُوا لهَذَا التَّرْكِيب حَتَّى صَاحب الْمُحكم مَعَ كَثْرَة استيعابه وتتبعه وَإِنَّمَا ذكره صَاحب الصِّحَاح وَقد قَالَ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح فِي شرح مشكلات الْوَسِيط أَنه لَا يقبل مَا تفرد بِهِ وَكَانَ ذَلِك على مَا ذكره فِي أول كِتَابه من انه ينْقل عَن الْعَرَب الَّذين سمع مِنْهُم فَإِن زَمَانه كَانَت اللُّغَة فِيهِ قد فَسدتْ واما صَاحب الْعباب فَإِنَّهُ قلد صَاحب الصِّحَاح فنسخ كَلَامه وَأما بن الْأَنْبَارِي فَلَيْسَ كِتَابه مَوْضُوعا لتفسير الْأَلْفَاظ المسموعة من الْعَرَب بل وَضعه للْكَلَام على مَا يجْرِي فِي محاورات النَّاس وَقد يكون تَفْسِيره على تَقْدِير ان يكون عَرَبيا فَإِنَّهُ لم يُصَرح بِأَنَّهُ عَرَبِيّ وَلذَلِك لَا أعلم أحدا من النُّحَاة تكلم عَلَيْهَا غَيره ولخص أَبُو حَيَّان أَشْيَاء من كَلَامه فَوَهم فِيهِ لِأَنَّهُ ذكر أَن الْكُوفِيّين قَالُوا ان جرا مصدر والبصريين قَالُوا إِنَّه حَال وَهَذَا يَقْتَضِي أَن الْفَرِيقَيْنِ تكلمُوا فِي إِعْرَاب ذَلِك وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا قَالَ بن الْأَنْبَارِي ان قِيَاس إعرابه على قَوَاعِد الْبَصرِيين أَن يُقَال إِنَّه حَال وعَلى قَوَاعِد الْكُوفِيّين أَن يُقَال إِنَّه مصدر هَذَا معنى كَلَامه وَهَذَا هُوَ الَّذِي فهمه أَبُو الْقَاسِم الزجاجي ورد عَلَيْهِ فَقَالَ البصريون لَا يوجبون فِي نَحْو ركضا من قَوْلك جَاءَ زيد ركضا ان يكون مَفْعُولا مُطلقًا بل يجيزون ان يكون التَّقْدِير جَاءَ زيد يرْكض ركضا فَكَذَلِك يجوز على قِيَاس قَوْلهم ان يكون التَّقْدِير هَلُمَّ يجر جرا انْتهى قَول بن الْأَنْبَارِي مَعْنَاهُ سِيرُوا على هيئتكم إِلَى آخِره معترض من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن فِيهِ إِثْبَات معنى لهلم لم يُثبتهُ لَهَا أحد وَالثَّانِي أَن هَذَا التَّفْسِير لَا ينطبق على المُرَاد بِهَذَا التَّرْكِيب فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُرَاد بِهِ اسْتِمْرَار مَا ذكر قبله من الحكم فَلهَذَا قَالَ صَاحب الصِّحَاح وهلم جرا إِلَى الْيَوْم ثمَّ قَالَ بن هِشَام وَالَّذِي ظهر لنا فِي تَوْجِيه هَذَا الْكَلَام بِتَقْدِير كَونه عَرَبيا أَن هَلُمَّ هَذِه هِيَ القاصرة الَّتِي بِمَعْنى ائْتِ وتعال إِلَّا أَن فِيهَا تجويزين أَحدهمَا أَنه لَيْسَ المُرَاد بالإتيان هُنَا الْمَجِيء الْحسي بل الِاسْتِمْرَار على الشَّيْء والمداومة عَلَيْهِ كَمَا تَقول امش على هَذَا الْأَمر وسر على هَذَا المنوال وَالثَّانِي أَنه لَيْسَ المُرَاد الطّلب حَقِيقَة وانما المُرَاد الْخَبَر وَعبر عَنهُ بِصِيغَة الطّلب كَمَا فِي فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا وجرا مصدر جَرّه يجره إِذا سحبه وَلَكِن لَيْسَ المُرَاد الْجَرّ الْحسي بل المُرَاد التَّعْمِيم كَمَا اسْتعْمل السحب بِهَذَا الْمَعْنى فِي قَوْلهم هَذَا الحكم منسحب على كَذَا أَي شَامِل لَهُ فَإِذا قيل كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جرا فَكَأَنَّهُ قيل وَاسْتمرّ ذَلِك فِي بَقِيَّة الأعوام استمرارا فَهُوَ مصدر أَو اسْتمرّ مستمرا فَهُوَ حَال مُؤَكدَة وَذَلِكَ ماش فِي جَمِيع الصُّور وَهَذَا هُوَ الَّذِي يفهمهُ النَّاس من هَذَا الْكَلَام وَبِهَذَا التَّأْوِيل ارْتَفع إِشْكَال الْعَطف فَإِن هَلُمَّ جرا حِينَئِذٍ خبر وإشكال الْتِزَام إِفْرَاد الضَّمِير إِذْ فَاعل هَلُمَّ هَذِه مُفْرد أبدا كَمَا تَقول وَاسْتمرّ ذَلِك أَو وَاسْتمرّ مَا ذكرته انْتهى كَلَام بن هِشَام

اسم الکتاب : تنوير الحوالك شرح موطأ مالك المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست