قيل: إِنَّ وجه المناسبة بين الجواب والسؤال أَنَّ من شأن العامل الاستئثار إِلا مَنْ عصم الله، فَأشفق عليه - صلى الله عليه وسلم - مِن أَن يقع فيما يقع فيه بعضُ من يأتي
بعده من الملوك، فَيَسْتأثر على ذوي الحقوق، وهذا من جملة معجزاته - صلى الله عليه وسلم - فقد وقع كما أَخبر.
[53] وعن أبي إبراهيم عبدِ الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا الله العَافِيَةَ، فَإِذَا لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ» .
ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وبالله التوفيق.
في هذا الحديث: الدعاء حال الشدائد، والخروج من الحول والقوة، والنهي عن تمنِّي لقاء العدو، والأَمر بالصبر والثبات عند اللقاء. وفيه: الحضُّ على الجهاد. وفيه: الجمع بين الأَخذ بالأَسباب، والتوكُّل على الله تعالى.