responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتقى شرح الموطإ المؤلف : الباجي، سليمان بن خلف    الجزء : 1  صفحة : 28
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْله تَعَالَى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] وَنَسَخَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ النَّاسِخَ {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَفِعْلُهُ هَذَا بَعْدَ هِجْرَتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ بِأَعْوَامٍ وَلَا يُنْسَخُ الْحُكْمُ قَبْلَ وُرُودِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» أَقْرَبُ قَلِيلًا إلَّا أَنَّهُ يُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] فَجَعَلَ ذَلِكَ مَأْخُوذًا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْمَكِّيَّةِ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا يُنْسَخُ بِهِ فِعْلُهُ فِي الْمَدِينَةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ نَظَرًا إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ فَإِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ دَعْوَى النَّسْخِ فِيهِمَا وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا مِمَّنْ مَنَعَ نَسْخَ هَذَا الْفِعْلِ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالِاقْتِيَادِ لِئَلَّا يَبْقَى مِنْ أَصْحَابِهِ نَائِمٌ وَقَدْ كَانُوا نَصِبُوا مِنْ طُولِ السَّرْيِ فَأَشْفَقَ أَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ لَا يَسْتَيْقِظُونَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالرَّحِيلُ يَعُمُّ جَمِيعَهُمْ وَيُوقِظُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَبْيَنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّلَ وَجْهَ الِاقْتِيَادِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي بِمَا ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «أَنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ» وَهَذِهِ عِلَّةٌ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى مَعْرِفَتِهَا فَلَا يَلْزَمُنَا الْعَمَلُ بِهَا وَمَنْ اسْتَيْقَظَ مِنَّا لِصَلَاةٍ فِي بَطْنِ وَادٍ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ فِيهِ شَيْطَانٌ أَمْ لَا.
وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي الْمَبْسُوطِ نَحْوَ هَذَا وَلَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ الْوَادِيَ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخُرُوجِ مِنْهُ وَجَرَى لَنَا فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ فَقَدْ ذَهَبَ الدَّاوُدِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ تَجُوزَ الصَّلَاةُ فِيهِ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ بَقِيَ الشَّيْطَانُ فِيهِ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ قَدْ ذَهَبَ فَلَا يَجُوزُ لَنَا تَرْكُ الْعِبَادَةِ إلَى صَلَاةٍ قَدْ فَاتَ وَقْتُهَا وَتَعَيَّنَ فِعْلُهَا لِعِلَّةٍ لَا نَدْرِي هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَمْ لَا وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ تَأْخِيرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ وَأَمْرَهُ بِالِاقْتِيَادِ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ انْتَبَهَ فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ ذَلِكَ الْوَقْتَ عِنْدَهُ فَأَمَرَهُمْ بِالِاقْتِيَادِ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ عَنْ الْأُفُقِ وَيَتِمَّ طُلُوعُهَا فَتَجُوزَ الصَّلَاةُ وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَكَوْنَهَا فِي الْأُفُقِ لَا يَكُونُ لَهَا ضَوْءٌ يَضْرِبُ شَيْئًا مِمَّا عَلَى الْأَرْضِ وَإِنَّمَا تَضْرِبُ النَّاسَ الشَّمْسُ وَيَرْتَفِعُ ضَوْءُهَا عَلَيْهِمْ بَعْدَ ارْتِفَاعِهَا مِنْ الْأُفُقِ يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «فَمَا أَيْقَظَنَا إلَّا حَرُّ الشَّمْسِ» وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَمَكُّنِ ارْتِفَاعِهَا وَمِمَّا يُبَيِّنُ فَسَادَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ فَجَعَلَ ذَلِكَ عِلَّةً فِي خُرُوجِهِمْ عَنْ الْوَادِي وَاقْتِيَادِهِمْ رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ وَمُوجِبًا لِلِاقْتِيَادِ لَعَلَّلَ بِهِ وَلَقَالَ اقْتَادُوا فَإِنَّ الشَّمْسَ طَالِعَةٌ وَأَيْضًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ يُجَوِّزُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذَا الْوَقْتِ صُبْحَ يَوْمِهِ وَإِنَّمَا مَنَعَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ غَيْرَهَا مِنْ الْفَوَائِتِ وَاَلَّذِي امْتَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَدَائِهَا فِي الْوَادِي هِيَ صُبْحُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْحَدِيثُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ مَعَهُ.
1 -
(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ «ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ بِهِمْ» رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْمُوَطَّأِ فَأَقَامَ عَلَى الْيَقِينِ رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْر «ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ» وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ عَنْ مَالِكٍ أَصَحُّ وَأَوْلَى وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَذَانِ لِلْفَوَائِتِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَلَوَاتٌ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤَذَّنُ لِلْفَوَائِتِ وَيُقَامُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ سُفْيَانُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا وَلَا يُقَامُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا أَنَّ الْأَذَانَ إنَّمَا

اسم الکتاب : المنتقى شرح الموطإ المؤلف : الباجي، سليمان بن خلف    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست