اسم الکتاب : التصوير النبوي للقيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 69
باستعمال أداة شرط، وضعت للحقيقة والاستمرار الزماني في لغتنا الجميلة، وهي "إذا" للدلالة على قيم تشريعية أخرى، وهي التأكيد والحث على أداء الصلاة فريضة واجبة، وكذلك الترغيب في أدائها جماعة، والالتزام بالوقار والسكينة في بيت الله تعالى، وطاعة الله تعالى في أوامره ونواهيه وغيرها من القيم السامية.
التصوير الفني لبلاغة الأسلوب في قوله: "فما أدركتم فصلوا"، يقوم على الروافد البليغة، فعبر بالفاء في قوله: "فما أدركتم" للدلالة على تفسير النهي عن الضجيج، وتوضيح الأمر في أداء الجماعة، والتزام الوقار والسكينة في قوله السابق: "فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة"، وهذا التفسير صادر عن "الفاء" الموضوعة للتفسير والتوضيح في بلاغة لغتنا الخصيبة، والمعنى فإذا فعلتم ذلك "فما أدركتم مع الإمام فصلوا معه، وما فاتكم فأتموا"، وكذلك بلاغة التعبير عن قيم الحرص على الصلاة والجماعة والسكينة بقوله: "أدركتم"؛ لأن الإدراك هنا يدل على عدم التكلف والمشقة، وألا يبذل جهدًا فوق الطاقة، فمهما قل المدرك فهو كاف في أداء الجماعة، لأن الأعمال بالنيات يضاعف عليها الأجر والثواب كما في الحديث: "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ... "، ولقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} وقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} ، واعتمد الأسلوب البلاغي أيضًا على تحريك العاطفة وتعمير الوجدان بالأمن والإيمان، من خلال النسق الإيقاعي والموسيقى بين أسلوب الشرط في قوله: "فما أدركتم" وأسلوب الجزاء والجواب في قوله: "فصلوا"، لتصدر حكمًا مفروضًا، هو الصلاة حسب الطاقة في إدراك الجماعة من غير جلبة ولا عجلة في قوله: "فما أدركتم".
اسم الکتاب : التصوير النبوي للقيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 69