responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ومعه النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية المؤلف : المناوي، عبد الرؤوف    الجزء : 1  صفحة : 100
الأعلى، فقال: إن الله تعالى قابل ذكر العبد في نفسه بذكره له في نفسه، وقابل ذكر العبد في الملأ بذكره له في الملأ، فإنما صارالذكر في الملأ الثاني خيرًا من الذكر في الأول؛ لأن الله هو الذاكر فيهم، والملأ الذي يذكرون -والله فيهم- أفضل من الملأ الذين يذكرون وليس الله فيهم.
ومن أدلة المعتزلة تقديم الملائكة في الذكر في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:98] و {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18] و {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:57] وتعقب بأن مجرد التقديم في الذكرلا يستلزم التفضيل؛ لأنه لم ينحصر فيه، بل له أسباب أخرى، كالتقديم بالزمان في مثل قوله تعالى: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ} [الأحزاب: 7] فقدم نوحاً على إبراهيم لتقدم زمان نوحٍ مع أن إبراهيم أفضل، ومنها قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء:172] وبالغ الزمخشري فادَّعى: أن دلالتها لهذا المطلوب قطيعة بالنسبة لعلم المعاني، فقال في قوله تعالى: {وَلاالْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} أي: ولا من هو أعلى قدرًا من المسيح -وهم الملائكة الكروبيون الذين حوْل العرش، كجبريل، وميكائيل، وإسرافيل- قال: ولا يقتضي علم المعاني غير هذا من حديث أن الكلام إنما سِيق للرد على النصارى لغلوهم في المسيح، فقيل لهم: لن يترفع المسيح عن العبودية ولا من هو أرفع درجة منه. انتهى ملخصاً.
وأُجيب بأن الترقي لا يستلزم التفضيل المتنازع فيه، وإنما هو بحسب المقام وذلك أن كلًا من الملائكة والمسيح عُبِد من دون الله. فردَّ عليهم بأن المسيح الذي تشاهدونه لم يتكبر عن عبادة الله، وكذلك من غاب عنكم من الملائكة لا يتكبر، والنفوس لما غاب عنها أهيب ممن تشاهده، ولأن الصفات التي عبدوا المسيح لأجلها من الزُّهد في الدنيا، والاطلاع على المغيبات، وإحياء الموتى بإذن الله موجودة في الملائكة، فإن كانت توجب عبادته فهي موجبة لعبادتهم بطريق الأولى، وهم مع ذلك لا يستنكفون عن عبادة الله تعالى، ولا يلزم من هذا الترقي ثبوت الأفضلية المتنازع فيها.
وقال البيضاوي[1]: احتجَّ بهذا العطف من زعم أن الملائكة أفضل من الأنبياء،

[1] البيضاوي: هو الإمام القاضي أبو الفتح، عبد الله بن محمد بن محمدين محمد بن البيضاوي، الفارسي، ثم البغدادي الحنفي، سمع أبا جعفر بن المسلمة. وأبا الغنائم بن المأمون. وطائفة. قال السمعاني: شيخ صالح متواضع متحرٍّ في قضائه الخير. توفي رحمه الله "537"هـ.
اسم الکتاب : الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ومعه النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية المؤلف : المناوي، عبد الرؤوف    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست