قلت: أي قال الإمام البيهقي رادا على ابن المديني حين قال إن إسماعيل بن أمية روى عن إبراهيم بن أبي يحي -وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذي عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف، وروى عن بكر بن الشرود، عن إبراهيم بن أبي يحي عن صفوان بن سليم عن أيوب بن خالد وإسناده ضعيف، والله أعلم اهـ.
قلت: لم يرتضي البخاري رحمه الله تعالى قول شيخه ابن المديني لأن إسماعيل بن أمية ثقة ثبت عند المحدثين، وليس بمدلس وهو معاصر لشيخه أيوب بن خالد الأنصاري كما لا يخفى هذا الأمر على من مارس من التحقيق في علوم الحديث، وكأن البخاري رحمه الله تعالى قد أعل هذا الإسناد بأمر آخر في تاريخه، كما قال الشيخ عبد الرحمن بن يحي المعلمي في الأنوار الكاشفة[1]، إذ قال رحمه الله تعالى: ومؤدى صنيعه أنه يحس أن أيوب أخطأ، وهذا الحس مبني على ثلاثة أمور: الأول: استنكار الخبر لما مرّ، والثاني: أن أيوب ليس بالقوي، وهو مقل، ولم يخرج مسلم إلا هذا الحديث كما يعلم من الجمع بين رجال الصحيحين، وتكلم فيه الأزدي، ولم ينقل توثيقه عن أحد الأئمة إلا أن ابن حبان، ذكره في ثقاته، وشرط ابن حبان في التوثيق فيه تسامح معروف.
الثالث: الرواية التي أشار إليها بقوله "وقال بعضهم: وليته ذكر سندها ومتنها فقد تكون ضعيفة في نفسها وإنما قويت عنده للأمرين الآخرين. ويدل على ضعفها أن المحفوظ عن كعب، وعبد الله بن سلام، ووهب بن منبِّه ومن يأخذ عنهم، أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد وهو قول أهل الكتاب المذكور في كتبهم وعليه بنوا قولهم في السبت.
قلت: هذا الوجه الثالث الذي ذكره رحمه الله تعالى كان ينبغي أن يحتفظ به على رده على الإمام البخاري رحمه الله تعالى في تضعيفه لأيوب بن خالد الأنصاري وسوف يأتي ذلك مفصلاً عند ذكر معنى الحديث وخلاصة القول أن علي بن المديني والبخاري رحمهما الله تعالى لم يتفقا في تعليلهما على تضعيف هذا الإسناد بل لكل واحد منهما رأي متغاير في التضعيف ولو اتفقا على علة واحدة لكان لرأيهما وزن كبير وثقل عظيم، وقد رد عليهما الإمام البيهقي، والشيخ عبد الرحمن بن يحي المعلمي رحمهما الله تعالى، وسوف يأتي كلام المعلمي مفصلاً عند معنى الحديث بعد ما يثبت إسناد الحديث بالحجة القاطعة، والبرهان الواضح، فلله دره رحمه الله تعالى. [1] الأنوار الكاشفة: ص 189.