responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 375
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّقْصَانَ مَحْسُوسٌ بِإِخْرَاجِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ. فَلَا يَكُونُ غَيْرَ نَاقِصٍ إلَّا بِزِيَادَةٍ تُبْلِغُهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا. أَعْنِي: الْمَعْنَوِيَّ وَالْحِسِّيَّ فِي الزِّيَادَةِ. أَوْ بِمَعْنَى: أَنَّ مُتَعَلَّقَهَا الْأَمْوَالُ ذَاتُ النَّمَاءِ. وَسُمِّيَتْ بِالنَّمَاءِ لِتَعَلُّقِهَا بِهِ أَوْ بِمَعْنَى تَضْعِيفِ أُجُورِهَا. كَمَا جَاءَ «إنَّ اللَّهَ يُرْبِي الصَّدَقَةَ حَتَّى تَكُونَ كَالْجَبَلِ.» وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الثَّانِي: فَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلنَّفْسِ مِنْ رَذِيلَةِ الْبُخْلِ، أَوْ لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ مِنْ الذُّنُوبِ. وَهَذَا الْحَقُّ أَثْبَتَهُ الشَّارِعُ لِمَصْلَحَةِ الدَّافِعِ وَالْآخِذِ مَعًا. أَمَّا فِي حَقِّ الدَّافِعِ: فَتَطْهِيرُهُ وَتَضْعِيفُ أُجُورِهِ. وَأَمَّا فِي حَقِّ الْآخِذِ: فَلِسَدِّ خَلَّتِهِ.
وَحَدِيثُ مُعَاذٍ: يَدُلُّ عَلَى فَرِيضَةِ الزَّكَاةِ. هُوَ أَمْرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ مِنْ الشَّرِيعَةِ. وَمَنْ جَحَدَهُ كَفَرَ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ» لَعَلَّهُ لِلتَّوْطِئَةِ وَالتَّمْهِيدِ لِلْوَصِيَّةِ بِاسْتِجْمَاعِ هِمَّتِهِ فِي الدُّعَاءِ لَهُمْ.
فَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ أَهْلُ عِلْمٍ، وَمُخَاطَبَتُهُمْ لَا تَكُونُ كَمُخَاطَبَةِ جُهَّالِ الْمُشْرِكِينَ، وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فِي الْعِنَايَةِ بِهَا وَالْبُدَاءَةُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالشَّهَادَتَيْنِ: لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ فُرُوعِهِ إلَّا بِهِ. فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُوَحِّدٍ عَلَى التَّحْقِيقِ - كَالنَّصَارَى - فَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ إلَيْهِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ عَيْنًا. وَمِنْ كَانَ مُوَحِّدًا - كَالْيَهُودِ - فَالْمُطَالَبَةُ لَهُ: بِالْجَمْعِ بَيْنَ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ التَّوْحِيدِ، وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالرِّسَالَةِ. وَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ - الَّذِينَ كَانُوا بِالْيَمَنِ - عِنْدَهُمْ مَا يَقْتَضِي الْإِشْرَاكَ، وَلَوْ بِاللُّزُومِ يَكُونُ مُطَالَبَتُهُمْ بِالتَّوْحِيدِ لِنَفْيِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَقَائِدِهِمْ. وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّ مَنْ كَانَ كَافِرًا بِشَيْءٍ، مُؤْمِنًا بِغَيْرِهِ: لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا بِالْإِيمَانِ بِمَا كَفَرَ بِهِ. وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ - فِي أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ - مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ أَوَّلًا بِالدُّعَاءِ إلَى الْإِيمَانِ فَقَطْ. وَجَعَلَ الدُّعَاءَ إلَى الْفُرُوعِ بَعْدَ إجَابَتِهِمْ الْإِيمَانَ. وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّرْتِيبَ فِي الدُّعَاءِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّرْتِيبُ فِي الْوُجُوبِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ؟ وَقَدْ قُدِّمَتْ الصَّلَاةُ فِي الْمُطَالَبَةِ عَلَى الزَّكَاةِ. وَأَخَّرَ الْإِخْبَارَ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَنْ الطَّاعَةِ بِالصَّلَاةِ، مَعَ أَنَّهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ فِي خِطَابِ الْوُجُوبِ.

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 375
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست