responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 313
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأُمِرْنَا فِيهِمَا بِالدُّعَاءِ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " وَأَمَّا السُّجُودُ: فَاجْتَهِدُوا فِيهِ فِي الدُّعَاءِ " وَقَالَ فِي التَّشَهُّدِ " وَلْيَتَخَيَّرْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ " وَلَعَلَّهُ يَتَرَجَّحُ كَوْنُهُ فِيمَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ: لِظُهُورِ الْعِنَايَةِ بِتَعْلِيمِ دُعَاءٍ مَخْصُوصٍ فِي هَذَا الْمَحِلِّ. وَقَوْلُهُ " إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْرَى مِنْ ذَنْبٍ وَتَقْصِيرٍ، كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " اسْتَقِيمُوا، وَلَنْ تُحْصُوا " وَفِي الْحَدِيثِ " كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ. وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ " وَرُبَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِهَذَا الْقَوْلِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَتَخْصِيصٍ بِحَالَةٍ، فَلَوْ كَانَ ثَمَّةَ حَالَةٌ لَا يَكُونُ فِيهَا ظُلْمٌ وَلَا تَقْصِيرٌ، لَمَا كَانَ هَذَا الْإِخْبَارُ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ. فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ " إقْرَارٌ بِوَحْدَانِيَّةِ الْبَارِي تَعَالَى، وَاسْتِجْلَابٌ لِمَغْفِرَتِهِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى «عَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ» وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ امْتِثَالٌ لِمَا أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: 135] .
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ. " كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: 135] وَقَوْلُهُ «فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ» فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى التَّوْحِيدِ الْمَذْكُورِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَفْعَلُ هَذَا إلَّا أَنْتَ، فَافْعَلْهُ أَنْتَ. وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَحْسَنُ: أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى طَلَبِ مَغْفِرَةٍ مُتَفَضَّلٍ بِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يَقْتَضِيهَا سَبَبٌ مِنْ الْعَبْدِ، مِنْ عَمَلٍ حَسَنٍ وَلَا غَيْرِهِ. فَهِيَ رَحْمَةٌ مِنْ عِنْدِهِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ، لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهَا سَبَبٌ وَهَذَا تَبَرُّؤٌ مِنْ الْأَسْبَابِ وَالْإِدْلَالِ بِالْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادِ فِي كَوْنِهَا مُوجِبَةً لِلثَّوَابِ وُجُوبًا عَقْلِيًّا. وَ " الْمَغْفِرَةُ " السَّتْرُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. وَ " الرَّحْمَةُ " مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْمُنَزِّهِينَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَنْ التَّشْبِيهِ - إمَّا نَفْسُ الْأَفْعَالِ الَّتِي يُوصِلُهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْإِنْعَامِ وَالْإِفْضَالِ إلَى الْعَبْدِ. وَإِمَّا إرَادَةُ إيصَالِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ إلَى الْعَبْدِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: هِيَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ. وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ. وَقَوْلُهُ " إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " صِفَتَانِ ذُكِرَتَا خَتْمًا لِلْكَلَامِ عَلَى جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ لِمَا قَبْلَهُ. فَالْغَفُورُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ " اغْفِرْ لِي " وَالرَّحِيمُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست