responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 284
بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ، فَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ. وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَدِيثُ الْمُرُور بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ]
قَوْلُهُ " حِمَارٍ أَتَانٍ " فِيهِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ " الْحِمَارِ " فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، كَلَفْظِ " الشَّاةِ " وَلَفْظِ " الْإِنْسَانِ " وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «عَلَى أَتَانٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَةَ " حِمَارٍ ". وَقَوْلُهُ: " نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ " أَيْ قَارَبْتُهُ. وَهُوَ يُؤْنِسُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُقَارِبُ الْبُلُوغَ. وَلَعَلَّ قَوْلَهُ " قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ " هَهُنَا تَأْكِيدٌ لِهَذَا الْحُكْمِ. وَهُوَ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِمُرُورِ الْحِمَارِ. لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ. وَعَدَمُ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ هَذَا السِّنِّ أَدَلُّ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ. لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي سِنِّ الصِّغَرِ وَعَدَمِ التَّمْيِيزِ - مَثَلًا - لَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مُؤَاخَذَتِهِ بِسَبَبِ صِغَرِ سِنِّهِ وَعَدَمِ تَمْيِيزِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِعَدَمِ اسْتِئْنَافِهِمْ لِلصَّلَاةِ.
لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً. فَإِنَّهُ إذَا دَلَّ عَدَمُ إنْكَارِهِمْ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ فَاعِلِهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ إفْسَادِ الصَّلَاةِ، إذْ لَوْ أَفْسَدَهَا لَامْتَنَعَ إفْسَادُ صَلَاةِ النَّاسِ عَلَى الْمَارِّ. وَلَا يَنْعَكِسُ هَذَا. وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: وَلَوْ لَمْ يُفْسِدْ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمَارِّ، لِجَوَازِ أَنْ لَا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ وَيَمْتَنِعَ الْمُرُورُ، كَمَا تَقُولُ فِي مُرُورِ الرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، حَيْثُ يَكُونُ لَهُ مَنْدُوحَةٌ: إنَّهُ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ الْمُرُورُ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُصَلِّي. فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ عَدَمَ الْإِنْكَارِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ. وَالْجَوَازُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْإِفْسَادِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْعَكِسُ. فَكَانَ الِاسْتِدْلَال بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ أَكْثَرَ فَائِدَةً مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِعَدَمِ اسْتِئْنَافِهِمْ الصَّلَاةَ. وَيُسْتَدَلُّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ مُرُورَ الْحِمَارِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ. وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ " بِغَيْرِ جِدَارٍ " وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجِدَارِ عَدَمُ السُّتْرَةِ.

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست