responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 261
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَاتِحَةَ لِلْوُجُوبِ: وَهُمْ الْفُقَهَاءُ الْأَرْبَعَةُ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ مِنْهُمْ - عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ - جَعَلَهَا وَاجِبَةً، وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ. اخْتَلَفَ مَنْ نَصَرَ مَذْهَبَهُمْ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ. وَذُكِرَ فِيهِ طُرُقٌ:
الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» مَثَلًا، مُفَسِّرًا لِلْمُجْمَلِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» وَهَذَا - إنْ أُرِيدَ بِالْمُجْمَلِ مَا يُرِيدُهُ الْأُصُولِيُّونَ بِهِ - فَلَيْسَ كَذَلِكَ. لِأَنَّ الْمُجْمَلَ: مَا لَا يَتَّضِحُ الْمُرَادُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» مُتَّضِحٌ أَنَّ الْمُرَادَ يَقَعُ امْتِثَالُهُ بِفِعْلِ كُلِّ مَا تَيَسَّرَ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُرِدْ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» لَاكْتَفَيْنَا فِي الِامْتِثَالِ بِكُلِّ مَا تَيَسَّرَ، وَإِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهِ مُجْمَلًا: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فَرْدٌ مِنْ الْأَفْرَادِ، فَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِكُلِّ فَرْدٍ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمُ، كَمَا فِي سَائِرِ الْمُطْلَقَاتِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ» مُطْلَقًا يُقَيَّدُ، أَوْ عَامًّا يُخَصَّصُ بِقَوْلِهِ «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَهَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدِ التَّيْسِيرِ الَّذِي يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ فِي قِرَاءَةِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُتَيَسِّرَاتِ. وَهَذَا الْقَيْدُ الْمَخْصُوصُ يُقَابِلُ التَّعْيِينَ. وَإِنَّمَا نَظِيرُ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَا يُنَافِي التَّعْيِينَ، أَنْ يَقُولَ اقْرَأْ قُرْآنًا. ثُمَّ يَقُولُ: اقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ حِينَئِذٍ وَالْمِثَالُ الَّذِي يُوَضِّحُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغُلَامِهِ: اشْتَرِ لِي لَحْمًا. وَلَا تَشْتَرِ إلَّا لَحْمَ الضَّأْنِ، لَمْ يَتَعَارَضْ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي أَيَّ لَحْمٍ شِئْتَ. وَلَا تَشْتَرِ إلَّا لَحْمَ الضَّأْنِ، فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَتَعَارَضَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا يُرَادُ بِصِيغَةِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَأَمَّا دَعْوَى التَّخْصِيصِ: فَأَبْعَدُ. لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي تَيْسِيرَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا يَقْرُبُ هَذَا إذَا جُعِلَتْ " مَا " بِمَعْنَى الَّذِي. وَأُرِيدَ بِهَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ. وَهُوَ الْفَاتِحَةُ، لِكَثْرَةِ حِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا. فَهِيَ الْمُتَيَسِّرَةُ.
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ " مَا تَيَسَّرَ " عَلَى مَا زَادَ عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيُدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَلَائِلِ إيجَابِ الْفَاتِحَةِ.

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست