responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 233
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا شَكَّ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَصْلِ أَقْرَبُ مِنْ الْتِزَامِ النَّسْخِ.
وَقَوْلُهَا " وَكَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ " يَدُلُّ عَلَى أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّلَاةَ تُفْتَتَحُ بِالتَّحْرِيمِ، أَعْنِي مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ التَّكْبِيرِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِي الدُّخُولِ فِيهَا. فَإِنَّ التَّكْبِيرَ تَحْرِيمٌ مَخْصُوصٌ. وَالدَّالُ عَلَى وُجُودِ الْأَخَصِّ دَالٌّ عَلَى وُجُودِ الْأَعَمِّ. وَأَعْنِي بِالْأَعَمِّ هَاهُنَا: هُوَ الْمُطْلَقُ. وَنَقَلَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ خِلَافَهُ. وَرُبَّمَا تَأَوَّلَهُ. بَعْضُهُمْ عَلَى مَالِكٍ. وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُهُ عَنْهُ. وَعَنْ غَيْرِهِ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّحْرِيمَ يَكُونُ بِالتَّكْبِيرِ خُصُوصًا. وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُ فِيهِ وَيَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ التَّعْظِيمِ. كَقَوْلِهِ " اللَّهُ أَجَلُّ، أَوْ أَعْظَمُ " وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْوُجُوبِ بِهَذَا الْفِعْلِ، إمَّا عَلَى الطَّرِيقَةِ السَّابِقَةِ مِنْ كَوْنِهِ بَيَانًا لِلْمُجْمَلِ. وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ. وَإِمَّا بِأَنْ يُضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الْوُجُوبِ، مَعَ هَذَا الْقَوْلِ. أَعْنِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَهَذَا إذَا أُخِذَ مُفْرَدًا عَنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ وَسِيَاقِهِ: أَشْعَرَ بِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ بِأَنْ يُصَلُّوا كَمَا صَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقْوَى الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ ثَبَتَ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي الصَّلَاةِ. وَإِنَّمَا هَذَا الْكَلَامُ قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ «أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ - فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ رَحِيمًا رَفِيقًا. فَظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا. فَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا؟ فَأَخْبَرْنَاهُ. فَقَالَ: ارْجِعُوا إلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ. فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ. ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَهَذَا خِطَابٌ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بِأَنْ يُوقِعُوا الصَّلَاةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي رَأَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُشَارِكُهُمْ فِي هَذَا الْخِطَابِ كُلُّ الْأُمَّةِ فِي أَنْ يُوقِعُوا الصَّلَاةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ. فَمَا ثَبَتَ اسْتِمْرَارُ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ دَائِمًا: دَخَلَ تَحْتَ الْأَمْرِ، وَكَانَ وَاجِبًا. وَبَعْضُ ذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِهِ، أَيْ مَقْطُوعٌ بِاسْتِمْرَارِ فِعْلِهِ لَهُ. وَمَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِهِ فِي تِلْكَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي تَعَلَّقَ الْأَمْرُ بِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ عَلَى صِفَتِهَا - لَا يُجْزَمُ بِتَنَاوُلِ الْأَمْرِ لَهُ.
وَهَذَا أَيْضًا يُقَالُ فِيهِ مِنْ الْجَدَلِ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ. وَقَوْلُهَا " وَالْقِرَاءَةُ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] تَمَسَّكَ بِهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست