responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 201
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَنْعِ وَأَظْهَرُ مِنْ الْأَوَّلِ. وَلَعَلَّ مِثَالَ ذَلِكَ، مَا وَرَدَ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ. فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ رَفْعُ الْيَدِ فِي الدُّعَاءِ مُطْلَقًا. فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: يَرْفَعُ الْيَدَ فِي الْقُنُوتِ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ. فَيَنْدَرِجُ تَحْتَ الدَّلِيلِ الْمُقْتَضِي لِاسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدِ فِي الدُّعَاءِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى هَيْئَةِ الْعِبَادَةِ التَّعَبُّدُ وَالتَّوْقِيفُ. وَالصَّلَاةُ تُصَانُ عَنْ زِيَادَةِ عَمَلٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ فِيهَا. فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَدِيثُ فِي رَفْعِ الْيَدِ فِي الْقُنُوتِ: كَانَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى صِيَانَةِ الصَّلَاةِ عَنْ الْعَمَلِ الَّذِي لَمْ يُشَرَّعْ: أَخَصَّ مِنْ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى رَفْعِ الْيَدِ فِي الدُّعَاءِ.
الرَّابِعُ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَنْعِ: فَتَارَةً يَكُونُ مَنْعَ تَحْرِيمٍ، وَتَارَةً مَنْعَ كَرَاهَةٍ. وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ مَا يُفْهَمُ مِنْ نَفْسِ الشَّرْعِ مِنْ التَّشْدِيدِ فِي الِابْتِدَاعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ التَّخْفِيفِ. أَلَا تَرَى أَنَّا إذَا نَظَرْنَا إلَى الْبِدَعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأُمُورِ الدُّنْيَا: لَمْ تُسَاوِ الْبِدَعَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأُمُورِ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ. وَلَعَلَّهَا - أَعْنِي الْبِدَعَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا - لَا تُكْرَهُ أَصْلًا. بَلْ كَثِيرٌ مِنْهَا يُجْزَمُ فِيهِ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ. وَإِذَا نَظَرْنَا إلَى الْبِدَعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ: لَمْ تَكُنْ مُسَاوِيَةً لِلْبِدَعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأُصُولِ الْعَقَائِدِ.
فَهَذَا مَا أَمْكَنَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، مَعَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُشْكِلَاتِ الْقَوِيَّةِ، لِعَدَمِ الضَّبْطِ فِيهِ بِقَوَانِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا لِلسَّابِقِينَ. وَقَدْ تَبَايَنَ النَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ تَبَايُنًا شَدِيدًا، حَتَّى بَلَغَنِي: أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ مَرَّ فِي لَيْلَةٍ مِنْ إحْدَى لَيْلَتَيْ الرَّغَائِبِ - أَعْنِي الَّتِي فِي رَجَبٍ، أَوْ الَّتِي فِي شَعْبَانَ - بِقَوْمٍ يُصَلُّونَهَا، وَقَوْمٍ عَاكِفِينَ عَلَى مُحَرَّمٍ، أَوْ مَا يُشْبِهُهُ، أَوْ مَا يُقَارِبُهُ. فَحَسَّنَ حَالَ الْعَاكِفِينَ عَلَى الْمُحَرَّمِ عَلَى حَالِ الْمُصَلِّينَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ. وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَاكِفِينَ عَلَى الْمُحَرَّمِ عَالِمُونَ بِارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ، فَيُرْجَى لَهُمْ الِاسْتِغْفَارُ وَالتَّوْبَةُ، وَالْمُصَلُّونَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ - مَعَ امْتِنَاعِهَا عِنْدَهُ - مُعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ فِي طَاعَةٍ. فَلَا يَتُوبُونَ وَلَا يَسْتَغْفِرُونَ.
وَالتَّبَايُنُ فِي هَذَا يَرْجِعُ إلَى الْحَرْفِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَهُوَ إدْرَاجُ الشَّيْءِ الْمَخْصُوصِ تَحْتَ الْعُمُومَاتِ، أَوْ طَلَبُ دَلِيلٍ خَاصٍّ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْخَاصِّ. وَمَيْلُ الْمَالِكِيَّةِ إلَى هَذَا الثَّانِي. وَقَدْ وَرَدَ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ مَا يُؤَيِّدُهُ فِي مَوَاضِعَ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ فِي صَلَاةِ

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست