responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 161
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَدِيثُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ]
مُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيَّةُ امْرَأَةُ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ، بَصْرِيَّةٌ. أَخْرَجَ لَهَا الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا.
و" الْحَرُورِيُّ " مَنْ يُنْسَبُ إلَى حَرُورَاءَ. وَهُوَ مَوْضِعٌ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ، اجْتَمَعَ فِيهِ أَوَائِلُ الْخَوَارِجِ. ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ خَارِجِيٍّ. وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ لِمُعَاذَةَ " أُحْرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ " أَيْ أَخَارِجِيَّةٌ. وَإِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ: لِأَنَّ مَذْهَبَ الْخَوَارِجِ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصَّلَاةَ. وَإِنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ أَيْضًا: لِأَنَّ مُعَاذَةَ أَوْرَدَتْ السُّؤَالَ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السُّؤَالِ الْمُجَرَّدِ، بَلْ صِيغَتُهَا قَدْ تُشْعِرُ بِتَعَجُّبٍ أَوْ إنْكَارٍ. فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ " أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ " فَأَجَابَتْهَا بِأَنْ قَالَتْ: " لَا، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ " أَيْ أَسْأَلُ سُؤَالًا مُجَرَّدًا عَنْ الْإِنْكَارِ وَالتَّعَجُّبِ، بَلْ لِطَلَبِ مُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ. فَأَجَابَتْهَا عَائِشَةُ بِالنَّصِّ. وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَقْوَى فِي الرَّدْعِ عَنْ مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ، وَأَقْطَعُ لِمَنْ يُعَارِضُ، بِخِلَافِ الْمَعَانِي الْمُنَاسِبَةِ. فَإِنَّهَا عُرْضَةٌ لِلْمُعَارَضَةِ.
وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ: أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ. فَإِيجَابُ قَضَائِهَا مُفْضٍ إلَى حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ. فَعُفِيَ عَنْهُ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ. فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَكَرِّرٍ. فَلَا يُفْضِي قَضَاؤُهُ إلَى حَرَجٍ. وَقَدْ اكْتَفَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إسْقَاطِ الْقَضَاءِ بِكَوْنِهِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ. فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ أَخَذَتْ إسْقَاطَ الْقَضَاءِ مِنْ سُقُوطِ الْأَدَاءِ. وَيَكُونُ مُجَرَّدُ سُقُوطِ الْأَدَاءِ دَلِيلًا عَلَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ، إلَّا أَنْ يُوجَدَ مُعَارِضٌ. وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الصَّوْمِ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الْأَقْرَبُ - أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى بَيَانِ هَذَا الْحُكْمِ. فَإِنَّ الْحَيْضَ يَتَكَرَّرُ. فَلَوْ وَجَبَ قَضَاءُ الصَّلَاةِ فِيهِ لَوَجَبَ بَيَانُهُ، وَحَيْثُ لَمْ يُبَيَّنْ: دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ اقْتَرَنَ بِذَلِكَ قَرِينَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ الْأَمْرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَتَخْصِيصِ الْحُكْمِ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ لِمَا يَقُولُهُ الْأُصُولِيُّونَ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ " كُنَّا نُؤْمَرُ وَنُنْهَى " فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَإِلَّا لَمْ تَقُمْ الْحُجَّةُ بِهِ.

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست