responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقوبات المؤلف : ابن أبي الدنيا    الجزء : 1  صفحة : 128
§أَوَّلُ قِصَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ

192 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو هِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا ابْتُلِيَ سُلَيْمَانُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، §كَانَ بَلَاؤُهُ فِي سَبَبِ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ امْرَأَتِهِ، كَانَ يُقَالُ لَهَا: الْجُرَادَةُ، وَكَانَتْ مِنْ أَحَبِّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ أَوْ يَجْنُبَ يُعْطِيهَا الْخَاتَمَ، وَإِنَّ نَاسًا يُخَاصِمُونَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْجُرَادَةِ، فَكَانَ مِنْ هَوَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لِأَهْلِ الْجُرَادَةِ , فَعَرَفَتْ حِينَ لَمْ يَكُنْ هَوَاهُ فِيهِمْ وَاحِدًا، فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ، فَأَعْطَاهَا الْخَاتَمَ، فَجَاءَ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ لَهَا: هَاتِي خَاتَمِي، فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا لَبِسَهُ دَانَتْ لَهُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَالشَّيَاطِينُّ، وَجَاءَهَا سُلَيْمَانُ فَقَالَ: هَاتِي خَاتَمِي، -[129]- فَقَالَتِ: اخْرُجْ، لَسْتَ بَسُلَيْمَانَ، قَدْ جَاءَ سُلَيْمَانُ فَأَخَذَ خَاتَمَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ سُلَيْمَانُ عَرَفَ أَنَّهُ مِنِ امْرَأَتِهِ، فَخَرَجَ يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ، وَجَعَلَ إِذَا قَالَ: أَنَا سُلَيْمَانُ، رَمَاهُ الصِّبْيَانُ بِالْحِجَارَةِ وَانْطَلَقَتِ الشَّيَاطِينُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، فَكَتَبُوا كُتُبًا فِيهَا كُفْرٌ وَسِحْرٌ، فَدَفَنُوهَا تَحْتَ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ أَثَارُوهَا، فَقَرَءُوهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا كَانَ سُلَيْمَانُ يَغْلِبُ النَّاسَ بِهَذِهِ الْكُتُبِ. فَبَرِئَ النَّاسُ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَلَمْ يَزَالُوا يُكَفِّرُونَهُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَمَكَثَ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ يَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي وَالشَّرِّ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرُدَّ سُلَيْمَانَ إِلَى مُلْكِهِ، أَلْقَى فِي قُلُوبِ النَّاسِ إِنْكَارًا لِمَا يَعْمَلُ الشَّيْطَانُ، فَأَتَوْا نِسَاءَ سُلَيْمَانَ فَقَالُوا لَهُنَّ: أَنَكَرْتُنَّ مِنْ سُلَيْمَانَ شَيْئًا؟ قُلْنَ: نَعَمْ، قَالَ: فَعَرَفَ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ قَدْ دَنَا هَلَاكُهُ، أَرْسَلَ الْخَاتَمَ وَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ، فَتَلَقَّتْهُ سَمَكَةٌ فَأَخَذَتْهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاشْتَرَى سَمَكًا، وَكَانَ فِي السَّمَكِ الَّذِي اشْتَرَى تِلْكَ السَّمَكَةُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا الْخَاتَمُ، فَأَخَذَهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَشَقَّ بَطْنَهَا، فَإِذَا الْخَاتَمُ فِيهِ، فَأَخَذَهُ فَلَبِسَهُ، فَلَمَّا لَبِسَهُ دَانَتْ لَهُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَالشَّيَاطِينُ، وَحَيَّوْهُ بِالتَّحِيَّةِ الَّتِي كَانَ يُحَيَّا بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَرَبَ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ، فَلَحِقَ بِجَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ " قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثُمَّ إِنَّ الْكَلْبِيَّ شَرَكَ الْأَعْمَشَ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ فِي الْحَدِيثِ قَالَ: فَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَلَبِهِ، فَلَمْ يَزَالُوا يَطْلُبُونَهُ، -[130]- وَكَانَ شَيْطَانًا مَرِيدًا، فَوَجَدُوهُ ذَاتَ يَوْمٍ نَائِمًا، فَبَنَوْا عَلَيْهِ بَيْتًا مِنْ رَصَاصٍ، فَاسْتَيْقَظَ فَجَعَلَ يَثِبُ، فَلَا يَثِبُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا انْمَاطَ مَعَهُ الرَّصَاصُ، فَأَخَذُوهُ فَأَوْثَقُوهُ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ اسْمُهُ صَخْرًا، فَأَمَرَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَخْتٍ مِنْ رُخَّامٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَنُقِرَ، فَجَوَّفُوهُ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِيهِ، وَسَدَّهُ بِالنُّحَاسِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34] ، يَعْنِي الشَّيْطَانَ الَّذِي كَانَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ. {ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34] ، يَعْنِي سُلَيْمَانَ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكَهَ: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] يَقُولُ: لَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِ شَيْطَانًا مِثْلَ الَّذِي سَلَّطْتَ عَلَيَّ , فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يُكَفِّرُونَ سُلَيْمَانَ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] ، يَعْنِي الصُّحُفَ الَّتِي دَفَنُوهَا. {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عُذْرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ

اسم الکتاب : العقوبات المؤلف : ابن أبي الدنيا    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست