responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرضا عن الله بقضائه المؤلف : ابن أبي الدنيا    الجزء : 1  صفحة : 62
29 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ: حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ -[63]- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: " §لَا يَنْزِلَنَّ بِكَ أَمْرٌ رَضِيتَهُ أَوْ كَرِهْتَهُ إِلَّا جَعَلْتَ فِي الضَّمِيرِ مِنْكَ أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكَ. قَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَعْطِيَكَهَا دُونَ أَنْ أَعْلَمَ مَا قُلْتَ أَنَّهُ كَمَا قُلْتَ قَالَ: يَا بُنَيَّ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ نَبِيًّا، هَلُمَّ حَتَّى نَأْتِيَهُ فَعِنْدَهُ بَيَانُ مَا قُلْتُ لَكَ قَالَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ قَالَ: فَخَرَجَ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ وَابْنُهُ عَلَى حِمَارٍ وَتَزَوَّدُوا مَا يُصْلِحُهُمْ مِنْ زَادٍ ثُمَّ سَارَا أَيَّامًا وَلَيَالِيَ حَتَّى تَلَقَّتْهُمَا مَفَازَةٌ فَأَخَذَا أُهْبَتَهُمَا لَهَا فَدَخَلَاهَا فَسَارَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَا حَتَّى ظَهَرَا وَقَدْ تَعَالَى النَّهَارُ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ ونَفَدَ الْمَاءُ وَالزَّادُ وَاسْتَبْطَآ حِمَارَيْهِمَا فَنَزَلَ لُقْمَانُ وَنَزَلَ ابْنُهُ فَجَعَلَا يَشْتَدَّانِ عَلَى سُوقِهِمَا فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ نَظَرَ لُقْمَانُ أَمَامَهُ فَإِذَا هُوَ بِسَوَادٍ وَدُخَانٍ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: السَّوَادُ شَجَرٌ وَالدُّخَانُ عُمْرَانٌ وَنَاسٌ فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ يَسَيرانِ إِذْ وَطِئَ ابْنُ لُقْمَانَ عَلَى عَظْمٍ نَاتِئٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَدَخَلَ فِي بَاطِنِ الْقَدَمِ حَتَّى ظَهَرَ مِنْ أَعْلَاهَا فَخَرَّ ابْنُ لُقْمَانَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَحَانَتْ مِنْ لُقْمَانَ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ صَرِيعٌ فَوَثَبَ إِلَيْهِ فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَاسْتَخْرَجَ الْعَظْمَ -[64]- بِأَسْنَانِهِ وَاشْتَقَّ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَلَاثَ بِهَا رِجْلَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى وَجْهِ ابْنِهِ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَقَطَرَتْ قَطْرَةً مِنْ دُمُوعِهِ عَلَى خَدِّ الْغُلَامِ فَانْتَبَهَ لَهَا فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ: يَا أَبَتِ أَنْتَ تَبْكِي وَأَنْتَ تَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ لِي؟ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا خَيْرًا لِي وَأَنْتَ تَبْكِي وَقَدْ نَفَدَ الطَّعَامُ وَالْمَاءُ وَبَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فإِنْ ذَهَبْتَ وَتَرَكْتَنِي عَلَى حَالِي ذَهَبْتَ بِهَمٍّ وَغَمٍّ مَا بَقِيَتَ وَإِنْ أَقَمْتَ مَعِي مُتْنَا جَمِيعًا؟ فَكَيْفَ عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا خَيْرًا لِي وَأَنْتَ تَبْكِي؟ قَالَ: أَمَّا بُكَائِي يَا بُنَيَّ فَوَدِدْتُ أَنِّي أَفْتَدِيكَ بِجَمِيعِ حَظِّي مِنَ الدُّنْيَا وَلَكِنِّي وَالِدٌ وَمِنِّي رِقَّةُ الْوَالِدِ وَأَمَّا مَا قُلْتَ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا خَيْرًا لِي؟ فَلَعَلَّ مَا صُرِفَ عَنْكَ يَا بُنَيَّ أَعْظَمُ مِمَّا ابْتُلِيتَ بِهِ وَلَعَلَّ مَا ابْتُلِيتَ بِهِ أَيْسَرُ مِمَّا صُرِفَ عَنْكَ، فَبَيْنَا هُوَ يُحَاوِرُهُ إِذْ نَظَرَ لُقْمَانُ هَكَذَا أَمَامَهُ فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ الدُّخَانَ وَالسَّوَادَ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: لَمْ أَرَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ وَلَكِنْ لَعَلَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْدَثَ رَبِّي بِمَّا رَأَيْتُ شَيْئًا فَبَيْنَا هُوَ يَتَفَكَّرُ فِي هَذَا إِذْ نَظَرَ أَمَامَهُ فَإِذَا هُوَ بِشَخْصٍ قَدْ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ يَمْسَحُ الْهَوَاءَ مَسْحًا فَلَمْ يَزَلْ يَرْمُقُهُ بِعَيْنِهِ حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَرِيبًا فَتَوَارَى عَنْهُ ثُمَّ صَاحَ بِهِ فَقَالَ: أَنْتَ لُقْمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَنْتَ الْحَكِيمُ؟ قَالَ: كَذَلِكُ يُقَالُ وَكَذَلِكَ نَعَتَنِي رَبِّي قَالَ: مَا قَالَ لَكَ ابْنُكَ هَذَا السَّفِيهُ؟ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ؟ أَسْمَعُ كَلَامَكَ وَلَا أَرَى وَجْهَكَ قَالَ: أَنَا جِبْرِيلُ لَا يَرَانِي إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيُّ مُرْسَلٌ، لَوْلَا ذَلِكَ لَرَأَيْتَنِي فَمَا قَالَ لَكَ ابْنُكَ هَذَا السَّفِيهُ؟ قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ فِي نَفْسِهِ: إِنْ كُنْتَ أَنْتَ جِبْرِيلُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ -[65]- بِمَا قَالَهُ ابْنِي مِنِّي فَقَالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لِي بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِكُمَا عَلَى أَنْ حَفِظْتُكُمَا ائْتِينِي فَقَدْ أَمَرَنِي رَبِّي بِخَسْفِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَمَا يَلِيهَا وَمَنْ فِيهَا فَأَخْبَرُونِي أَنَّكُمَا تُرِيدَانِ هَذِهِ الْمَدِينَةَ فَدَعَوْتُ رَبِّي أَنْ يَحْبِسَكُمَا عَنِّي بِمَا شَاءَ فَحَبَسَكُمَا اللَّهُ عَنِّي بِمَا ابْتَلَى بِهِ ابْنَكَ وَلَوْلَا مَا ابْتُلِيَ بِهِ ابْنُكَ لَخَسَفْتُ بِكُمَا مَعَ مَنْ خَسَفْتُ. قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى قَدِمِ الْغُلَامِ فَاسْتَوَى قَائِمًا وَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ فِيهِ الطَّعَامُ فَامْتَلَأَ طَعَامًا وَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَاءُ فَامْتَلَأَ مَاءً ثُمَّ حَمَلَهُمَا وَحِمَارَيْهِمَا فَزَجَلَ بِهِمَا كَمَا يُزْجَلُ الطَّيْرُ فَإِذَا هُمَا فِي الدَّارِ الَّتِي خَرَجَا مِنْهَا بَعْدَ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ "

اسم الکتاب : الرضا عن الله بقضائه المؤلف : ابن أبي الدنيا    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست