مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
فارسی
دلیل المکتبة
بحث متقدم
مجموع المکاتب
الصفحة الرئیسیة
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
جميع المجموعات
المؤلفین
الحدیث
علوم الحديث
العلل والسؤالات
التراجم والطبقات
الأنساب
جميع المجموعات
المؤلفین
متون الحديث
الأجزاء الحديثية
مخطوطات حديثية
شروح الحديث
كتب التخريج والزوائد
جميع المجموعات
المؤلفین
مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
اسم الکتاب :
جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر
المؤلف :
ابن المِبْرَد
الجزء :
1
صفحة :
122
فصل
وَقَدْ أَجْمَعَ غَالِبُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الأَشْعَرِيَّ كَانَ أَوَّلا عَلَى الاعْتِزَالِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَتْبَاعُهُ وَأَحْبَابُهُ، وَأَمَّا الْكَلامُ وَعِلْمُهُ فَلا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ بَلِ الاعْتِزَال، قَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَوْبَتَهُ مِنْهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: تَوْبَتُهُ صَادِقَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ: أَنَّهُ تَابَ، وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ شَيْخَنَا ابْنَ قَنْدَسَ يَقُولُ: إِنَّهُ تَابَ وَصَنَّفَ الإِبَانَةَ، وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَغَيْرِهِمْ: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةٌ مُتَّجِهَةٌ لِغَرَضٍ مِنَ الأَغْرَاضِ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كَشْفِ الْعَظَائِمِ، أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْبِدْعَةِ وَمِنْ جِهَةِ الدِّينِ، مِنْهُمْ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ صَاحِبُ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ الْمُعَظَّمُ عِنْدَ كُلِّ الطَّوَائِفِ، الْمُتَّفَقُ عَلَى عِلْمِهِ وَزُهْدِهِ وَدِينِهِ، وَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى كِتَابِهِ ذَمِّ الْكَلامِ.
وَمِنْهُمُ ابْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ، وَهَذَا إِمَامٌ كَبِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السّيلِيُّ: أَنَّهُ صَنَّفَ فِيهِ مُصَنَّفًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ وَثَلَبَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ.
وَمِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ الْمُقْرِئ، صَنَّفَ كِتَابًا فِي مَثَالِبِهِ، فَجَاءَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ تَصَدَّى لِهَذَا الرَّجُلِ فَقَطْ، وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ فِيهَا، وَقَصَدَ هَذَا الرَّجُلَ فَقَطْ بِالرَّدِّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِمَّا إِنَّهُ قَاصِرُ النَّظَرِ مَا اطَّلَعَ عَلَى كَلامِ أُولَئِكَ، وَإِمَّا إِنَّهُ رَأَى أَنَّ كَلامَهُ فِي أُولَئِكَ لا يَصْعَدُ مَعَهُ لِمَحَلِّهِمْ فِي الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِيهِ، وَشَقَاشِقَهُ، وَخَوَافِقَهُ الَّتِي يَخْفِقُ بِهَا فِي غَيْرِ مَحَلٍّ التَّخْفِيقِ، وَيُمَوِّهُ بِهَا فِي غَيْرِ بَابِ التَّمْوِيهِ، فَإِنَّهُ يَرِدُ الْكَلامَ بِأَمْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِهِ، وَلا يَرِدُ بِهِ وَيَذْهَبُ بِأَمْرٍ مَذْهَبًا غَيْرَ مَذْهَبِهِ، يَقْصِدُ بِهِ الاسْتِطْرَادَ وَالإِطَالَةَ لِيُكْثِرَ مَا رَدَّ بِهِ وَلَوْ قَصَدْتُ هَذَا الْمَقْصِدَ وَضَعْتُ هَذَا الْكِتَابَ عَشْرَ مُجَلَّدَاتٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالرَّدِّ رَدُّ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَكَأَنَّ ابْنَ عَسَاكِرَ جَهِلَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ خَبَّأَ لَهُ مَنْ يَرُدُّ كَلامَهُ، وَيُظْهِرُ أدْغَامَهُ، عَمِيَتْ بَصِيرَتُهُ حِينَ جَمَعَ تِلْكَ الْعَسَاكِرَ، أَنِّي لَا أَسِيرُ خَلْفَهُ بِهَذِهِ الدَّسَاكِرِ، وَهَا أَنَا أَقُولُ لَهُ كَمَا فِي الْمَثَلِ السَّائِرِ: روح جئتك، أَقُولُ تَرْجَمَة هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ، وَوَصَفَهُ بِالْجَهْلِ، وَقِلَّةِ الْعِلْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَإِنَّهُ عَامِّيٌّ جَاهِلٌ، رَأَيْتُ بِخَطِّ ابْنِ الْمُحِبِّ: الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزْدَادَ الْمُقْرِئ، نَزِيلُ دِمَشْقَ فَقَدْ وَصَفَهُ هَذَا الْحَافِظُ بِخَطِّهِ بِالْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ.
وَرَأَيْتُ بِخَطِّ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعِرَاقِيِّ: الإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزْدَادَ الأَهْوَازِيُّ الْمُقْرِئ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ الْمُحَدِثُ مُقْرِئُ أَهْلِ الشَّامِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيفِ، وُلِدَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَعَنِيَ بِالْقِرَاءَاتِ، وَلَقِيَ فِيهَا الْكِبَارَ كَأَبِي الْفَرَجِ الشنبوذي، وَعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْغَضَائِرِيِّ، وَقَرَأَ بِالأَهْوَازِ لِقَالوُنَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ نَصْرٍ الْمَرْجِيِّ، وَالْمُعَافَى الْحَرِيرِيِّ، وَطَبَقَتِهِمَا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَدْ وَصَفَهُ الذَّهَبِيُّ بِالْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهُ مُقْرِئُ الشَّامِ، وَوَصَفَهُ بِالْحَدِيثِ، وَالتَّصَانِيفِ، وَكَذَلِكَ وَصَفَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ مُقْرِئُ الشَّامِ، وَقَدْ وَصَفَهُ آخَرُونَ بِالْفِقْهِ، وَالْحَدِيثِ , وَالْقِرَاءَاتِ، وَالنَّحْوِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَا للَّهِ الْعَجَب مِنْ هَذِهِ صِفَته وَتَرْجَمَته، كَيْفَ يَقُولُ فِيهِ ابْنُ عَسَاكِرَ: أَنَّهُ جَاهِلٌ عَامِّيٌّ، وَأَنَّ أَلْفَاظَهُ رَكِيكَةٌ، وَهَلْ فِي الأَلْفَاظِ شَيْءٌ مِنْهُ؟ إِنَّمَا ذَكَرَهَا رُوَاتُهُ، ونقلا عَلَى قَاعِدَةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى تَرْجَمَةِ هَذَا الإِمَامِ، فَذَلِكَ قُصُورٌ، وَقِلَّةُ اطِّلاعٍ، وَكَيْفَ يُوصَفُ بِأَنَّهُ حَافِظٌ؟ وَلا يَعْرِفُ الْمَشَاهِيرَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ تَرْجَمَتَهُ وَمَنْزِلَتُهُ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَهُ بِالإِمَامَة وَالْمَشْيَخَةِ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ لِلْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَعَمْرِي مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ وَالْجَهْلِ وَأَغْرَاضِ النُّفُوسِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ هَذَا بِالْجَهْلِ وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ وَأَنَّهُ عَامِّيٌّ لَا يَعْرِفُ مَا يَقُولُ، وَأَنَّ عِبَارَاتِهِ رَكِيكَةٌ بِحَيْثُ أَنَّ مَنْ رَأَى كَلامَهُ فِيهِ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لا يَعْرِفُ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مُؤَرِّخِي الإِسْلامِ بِالإِمَامَةِ، فَكَيْفَ يَسَعُ ابْنَ عَسَاكِرَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الرَّجُلِ بِالْجَهْلِ، مَعَ كَلامِ هَذِهِ الأُمَّةِ فِيهِ بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَإِمَّا أَنَّهُ مُقَصِّرٌ قَلِيلُ الاطِّلَاعِ، وَإِمَّا أَنَّهُ حَمَلَهُ الْهَوَى عَلَى الْقَوْلِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ، قَوْلُهُ فِي الْخُطْبَةِ: وَفُرِضَ عَلَى الأَنَامِ الاقْتِدَاءُ بِهُدَاهُمْ وَشِرْعَتِهِمْ إِلْزَامًا، يَعْنِي الأَنْبِيَاءَ، وَالاقْتِفَاءَ بِنَهْجِهِمْ فِيمَا نَهَجُوهُ لَهُمْ نَقْصًا وَإِبْرَامًا، هَلْ كَانَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ عِلْمُ الْكَلامِ أَوِ التَّأْوِيلِ؟ أَوْ كَانَ مِنْ هَدْيِهِمُ الإِقْرَارُ بِذَلِكَ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ؟ أَيْنَ الْمُنْصِفُ؟ أَيْنَ الْمُحَقِّقُ؟ هَلْ وَرَدَ عِلْمُ الْكَلامِ وَالتَّأْوِيلِ عَنْهُمْ أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْتَ: بَلَى، فَهُوَ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ قُلْتَ: لَا، فَلا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَا وَسِعَهُمْ، وَأَيْنَ الاقْتِفَاءُ بِنَهْجِهِمْ مَعَ التَّأْوِيلِ وَالنَّفْيِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْخُطْبَةِ: إِنَّ اللَّهَ أَتَمَّ الدِّينَ، وَنَصَبَ لَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَرْبَابِ الْبَصَائِرِ مَنِ انْتَدَبَ لِنَصْرِهِ حِينَ هَمَا سَحَابُ الْبَاطِلِ وَهَطَلَ، وَحَادَ أَهْلُ الاعْتِزَالِ عَنْ سُنَنِ الاعْتِدَالِ حِينَ نَفَوْا عَنِ الرَّبِّ مَا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ مِنَ الصِّفَاتِ، فَهُوَ كَلامٌ حَسَنٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِالأَشْعَرِيِّ الَّذِي أَرَادَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ نَفَى التَّشْبِيهَ، وَمَا عَنِى إِلَّا مَنْ رَدَّ عَلَى الأَشْعَرِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ، أَنَّهُ إِذَا رَأَى مَنْ يَذْكُرُ التَّشْبِيهَ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، فَإِنَّ مَنْ رَدَّ عَلَى الأَشْعَرِيِّ لا يَقُولُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: فَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ أَشَدَّهُمْ بِذَلِكَ اهْتِمَامًا لِمَنْ حَاوَلَ الإِلْحَادَ، أَوْ عَانَدَ السُّنَّةَ، وَإِنَّهُ لَمْ يُسْرِفْ فِي التَّعْطِيلِ، وَلَمْ يَغْل فِي التَّشْبِيهِ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي بَعْدَ ذَلِكَ قواما كَذَبَ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى الاعْتِدَالِ يَنْقُلُ الثِّقَاتِ إِلَى آخِرِ عُمْرِهِ، حَتَّى عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْعَدُ مَعَهُ فَمَوَّهَ بِمَذْهَبٍ وَسَطٍ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ أَلْهَمَهُ نُصْرةَ السُّنَّةِ، هَذَا أَمْرٌ لَا كَانَ، وَلَمْ يَرِدْ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلا أَنَّهُ قَامَ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِهَا، بَلْ كَانَ مُخْتَفِيًا.
وَقَوْلُهُ: إِنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ , كَذِبٌ وَاللَّهِ، وَإِنَّهُ نَفَى مَا لَا يَلِيقُ بِجَلالِهِ مِنْ شَبَهِ خَلْقِهِ، إِنَّمَا أَتَى بِهَذَا التَّمْوِيهِ لأَجْلِ النَّفْيِ بِالْكُلِّيِّ، لأَنَّهُ لَا يَصْعَدُ مَعَهُ النَّفْيُ الْكُلِّيُّ فَمَوَّهَ، وَأَتَى بِالتَّأْوِيلِ الَّذِي تَوَصَّلَ بِهِ إِلَى النَّفْيِ، وَقَدْ قَالَ عِدَّةٌ مِنْ سَلَفِ الأُمَّةِ: إِنَّهُ لَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ، وَلا مَا وَصَفَهُ بِهِ نَبِيَّهُ تَشْبِيهٌ.
وَقَوْلُهُ: وَائْتَمَّ بِهِ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لاتِّبَاعِ الْحَقِّ فِي التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ ائْتِمَامًا الإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ، فَأَيْنَ أَهْلُ الْكَلامِ؟ وَأَيْنَ أَهْلُ السُّنَّةِ؟ لَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ.
وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا انْتَقَمَ مِنْ أَصْنَافِ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَإِنَّهُ بَيَّنَ عَلَيْهِمْ مَا ابْتَدَعُوهُ، يَا للَّهِ الْعَجَب، هَلِ التَّأْوِيلُ مُبْتَدَعٌ، أَوْ مَنْ يَقُولُ: عُدَّهَا كَمَا جَاءَتْ، وَنُؤْمِنُ بِهَا، أَيْ ذَلِكَ الْبِدْعَةُ، وَهَلِ التَّمَسُّكُ بِالْحَدِيثِ مُبْتَدَعٌ أَوْ عِلْمُ الْكَلامِ، أَيْنَ الْعُقُولُ وَالأَفْهَامُ؟ أَيُّ ذَلِكَ الْمُبْتَدَعُ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّهُمْ قَالُوا عَلَيْهِ مِنَ الْبُهْتَانِ مَا لا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ كَمَا رَمَتِ الْيَهُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ، فَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ مُقِرٌّ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الاعْتِزَالِ، وَتَدَّعِي أَنَّهُ تَابَ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ غَيْرَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي تُكَذِّبُهُ.
وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يُنْقِصُوهُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ، بَلْ زَادُوهُ بِمَا قَالُوهُ تَمَامًا , لَعَمْرِي لَقَدْ نَقَصُوهُ عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهْمُ مَدَحُوهُ بِذَمِّهِمْ لَعَمْرِي لَقَدْ أَخَذُوهُ بِذَلِكَ، وَأَيْنَ الْحُسْنَى؟ وَقَوْلُهُ: وَقُلْ مَا انْفَكَّ عَصْرٌ مِنَ الأَعْصَارِ عَنْ غَاوٍ يَقْدَحُ فِي الدِّينِ، وَيَغْوِي إِيهَامًا , إِنْ كَانَ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ مِنَ الْغُوَاةِ الَّذِي قَدِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَائِرُ الطَّوَائِفِ، وَقِيلَ كَلامُهُ عِنْدَ كُلّ أَحَدٍ خَافَ عَلَى الدِّينِ، وَقَوْلُهُ: وَغَاوٍ يُجَرِّحُ بِلِسَانِهِ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ، أَيْنَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ؟ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ؟ أَيْنَ أَقْوَالُ الأَشْعَرِيِّ فِي الدِّينِ؟ أَيْنَ كَلامُهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَالصَّلاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ وَالطَّلاقِ؟ هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ، إِنَّمَا كَلامُهُ فِي عِلْمِ الْكَلامِ فَقَطْ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، كَيْفَ يَحِلُّ لِمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْعِلْمِ أَنْ يُحَقِّقَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ كَلامٌ فِي مَسْأَلَةٍ قَطُّ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ قَوْله، وَيَحْمِلُ بِجَهْلِهِ عَلَى سَبِّ الْعُلَمَاءِ وَالتَّشْنِيعِ عَلَيْهِمْ، أَيْنَ الْعُلَمَاءُ؟ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ كَلامٌ فِي مَسْأَلَةٍ قَطُّ يُعَدُ مِنَ الْعُلَمَاءِ؟ وَقَدْ حَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِكُتُبِ الْعِلْمِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ كُتُبُ الْكَلامِ، قوله: وَلَنْ يَعْبَأَ اللَّهُ بِتَقَوُّلِهِمْ فِيهِ، وَبِكَذِبِهِمْ عَلَيْهِ، هُوَ قَدِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الاعْتِزَالِ، فَحِينَئِذٍ لَيْسَ، ثُمَّ يَقُولُ: وَأَنَا كَلامه مُنَاقِض وَمُقِرّ بِأَنَّهُ إِمَامُ عِلْمِ الْكَلامِ، وَقَدْ ذَمَّ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ إِمَامُ السُّنَّةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا ذِكْرُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَإِلَّا كَانَ الصِّدْق عَنْ ذِكْرِهِ وَقِيعَة ذَوِي الْجَهْلِ احْتِشَامًا، فَلَوْ صَدَقَ كَانَ أَحْسَنَ لَهُ وَأَسْتَرَ فَقَدْ تَقَوَّلَ هُوَ عَلَى هَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ الْجَهْلَ أَكْثَرَ مِمَّا تَقَوَّلُوا عَلَى الأَشْعَرِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَ صِفَةَ هَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِالْجَهْلِ، مِثْلَ شَيْخِ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيِّ، وَالإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ، وَالإِمَامِ الْمُحَدِّثِ الْمُقْرِئ أَبِي عَلِيٍّ الأَهْوَازِيِّ، قَالَ: لَكِنِّي اغْتَنَمْتُ الثَّوَابَ فِي إِيضَاحِ الصَّوَابِ، يَا وَيْحَهُ فِي هَذَا الْكَلامِ، وَلِلَّهِ لَقَدْ أَثِمَ فِي ذَلِكَ غَايَةَ الإِثْمِ، وَارْتَكَبَ الْخَطَأَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَقِّ أَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ وَلِمَنْ نَاوَأَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْبِدَعِ قَاهِرِينَ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِدَعِ، وَإِنَّ ذِكْرَ أَبِي الْحَسَنِ عَمَلا يُحَرِّمُونَهُ بِهِ إِعْلاءً، وَذِكْرَ مَظَالِمِهِ، وَالتَّرَحُّمَ عَلَيْهِ مِنَ الانْتِقَاصِ لَهُ عِنْدَ عُلَمَاء أَوْلَى، وَمخلدٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الأَقْطَارِ مَشْهُورٌ، نَعَمْ مَشْهُورٌ بِعِلْمِ الْكَلامِ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ بِالتَّبَايُنِ عَلَى مَنْ عَاصَرَهُ مِنْ أَهْلِ صِنَاعَتِهِ فِي الْعِلْمِ مَذْكُورٌ، نَعَمْ مَذْكُورٌ بِعِلْمِ الْكَلامِ لَا مُنَازِعَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: مَوْصُوفٌ بِالدِّينِ وَالرَّجَاحَةِ , فَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الإِسْلامِ الأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُ قِلَّةَ الدِّينِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الأَهْوَازِيُّ، وَابْنُ طَاهِرٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنِ الْكَاذِبُ، وَأَمَّا الرَّجَاحَةُ فَإِنَّمَا تَرَجَّحَ فِي عِلْمِ الْكَلامِ، وَأَمَّا النُّبْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ فَذَلِكَ إِنَّمَا ظَهَرَ فِي هَذِهِ الأَعْصَارِ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِشَرَفِ الأُبُوَّةِ وَالأَصْلِ، أَنْكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ لَهُ الأَشْعَرِيُّ، لأَنَّ جَدَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَقِيلَ لَهُ الأَشْعَرِيّ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ تَصَانِيفَهُ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ مَشْهُورَةٌ بِالإِجَادَةِ، وَالإِصَابَةِ لِلتَّحْقِيقِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، فَلَيْسَ لَهُ كُتُبٌ فِي غَيْرِ الْكَلامِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى كِتَابِهِ الإِبَانَةِ عَرَفَ مَوْضِعَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالتَّفْسِيرِ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا وَضَعَ الإِبَانَةَ وَغَيْرَهَا حِينَ تَابَ، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهُ وَضَعَهَا يُمَوِّهُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ أَخَذَ يَذْكُرُ أَنَّ لُحُومَ الْعُلَمَاءِ مَسْمُومَةٌ، وَأَنَّ الْوُقُوعَ فِيهِمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَالتَّطَاوُلَ لأَعْرَاضِهِمْ بِالزُّورِ وَالافْتِرَاءِ مَرْتَع وَخِيمٌ، وَالاخْتِلافَ عَلَى مَنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ لَنَقْشِ الْعِلْم خُلُقٌ ذَمِيمٌ، وَقَدْ صَدَقَ فِي ذَلِكَ هَذَا لِلْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا مَنْ فِيهِ أَمْرًا وَبِدْعَةً، فَبَيَانُ أَمْرِهِ وَإِظْهَارُهُ أَفْضَلُ، كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الأَئِمَّةُ، وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الاغْتِيَابِ، فَهَذَا لَيْسَ هُوَ مِنَ الاغْتِيَابِ وَأَنَّمَا هَذَا مِنَ الدِّينِ , الْكَلامُ فِي الْمُبْتَدَعِ، وَإِظْهَارُ بِدْعَتِهِ، وَالْكَذَّابِ وَبَيَانِ كَذِبِهِ مِنَ الدِّينِ الْمُتَعَيَّنِ، وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّحْذِيرِ مِنْ أَنْ يَتَّبِعَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، وَالانْتِصَارُ لأَهْلِ الْبِدَعِ أَمْرٌ مَذْمُومٍ، أَذَمُّ مِنَ السَّبِّ، ثُمَّ جَاءَ وَقَصَدَ الإِطَالَةَ وَالشَّقَاشِقَ بِأَمْرٍ خَارِجٍ فَسَاقَ أَحَادِيثَ فِي لَعْنِ آخِرِ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَفِيمَنْ كَتَمَ عِلْمًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَالإِقْدَامِ عَلَى الْغِيبَةِ مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهَا أَمْرٌ كَبِيرٌ، وَمَا وَرَدَ فِي النَّهْيِ عَنْهَا، وَعَنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ كَثِير، وَإِنَّمَا الْغِيبَةُ الْمُحَرَّمَةُ كَمَا قُلْنَا، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، أَوِ الْكَذِبِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ فِيهِ بَمُحَرَّمٍ، ثُمَّ ذَكَرَ أَمْرَ الْغِيبَةِ، وَحَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَتَّبِعُوا عوَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَلا عَثَرَاتِهِمْ» .
وَحَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ» ، وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ أَمْرُهَا مَشْهُورٌ، وَكَلامُ الأَئِمَّةِ فِيهَا مَعْلُومٌ، وَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا مُحَرَّمٌ فِي أَهْلِ الْخَيْرِ، دُونَ أَهْلِ الشَّرِّ.
ثُمَّ عَقَدَ بَابًا لاسْمِهِ، وَنَسَبِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَالِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَمِثْلُ هَذَا لا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْكِهِ عَنْ أَحَدٍ، إِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ عَنِ الْخَطِيبِ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي بِشْرٍ: وَاسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ سَالِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ، الْمُتَكَلِّمُ، قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، أَنَّ أَبَاهُ هُوَ أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأَنَّهُ كَانَ سبيا جَمَاعِيًّا حَدِيثِيًّا، فَقَدْ ذَكَرَ هَذَا بِهَذَا التَّبَايُنِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَبَا بِشْرٍ جَدُّهُ إِسْحَاقُ كَمَا سَبَقَ، قَالَ: وَفِي نِسْبَةِ أَصْحَابِهِ إِيَّاهُ إِلَى أَبِي بِشْرٍ تَكْذِيبٌ لأَبِي عَلِيٍّ الأَهْوَازِيِّ، فِيمَا اخْتَلَقَ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحِ النَّسَبِ، وَأَنَّهُ مَا كَنَّى عَنِ اسْمِ أَبِيهِ إِلا لِهَذَا السَّبَبِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ لَهُ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَأَنْسَابِهِمْ عِنَايَةٌ لِفُرِّقَ بَيْنَ قَوْلِنَا كُنْيَةٌ، وَكِنَايَةٌ، قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ الأَهْوَازِيُّ، قَالَ: مِنْ أَعْجَبِ الأَشْيَاءِ، أَنَّهُ لَيْسَ يُعْرَفُ بِالْبَصْرَةِ إِلا بِابْنِ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: وَأَصْحَابُهُ يَفِرُّونَ مِنْ هَذَا الاسْمِ، وَلا يَصِفُونَهُ بِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ شُيُوخًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، يَقُولُونَ: مَا فِرَارُهُمْ مِنْ هَذَا الاسْمِ إِلا لِسَبَبٍ، وَذَلِكَ أَنَّ جَدَّهُ أَبَا بِشْرٍ كَانَ يَهُودِيًّا، كَانَ يَهُودِيًّا أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يُنْسَبُ إِلَى الأَشْعَرِيِّينَ فَانْتَسَبَ إِلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ فِي الأَشْعَارِ السَّائِرَةِ:
وَمَا كَنَى عَنْ أَبِيهِ إِلا وَثَمَّ سَبِيبٌ
فَأَيُّ إِنْكَارٍ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ كَنَى هَذَا، وَهُوَ يَدَّعِي الْمَعْرِفَةَ الزَّائِدَةَ، فَإِنَّ الأَهْوَازِيَّ لَمْ يُرِدِ الْكُنْيَةَ، إِنَّمَا أَرَادَ الْكِنَايَةَ يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالاسْمِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى الاسْمِ، فَكَنَى عَنِ الاسْمِ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي إِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى تَسْمِيَتِهِ بِالأَشْعَرِيِّ تَكْذِيبٌ لِمَا قَالَهُ هَذَا الْمُفْتَرِي هَذَا كَلامٌ لا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرٌ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى نِسْبَتِهِ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَإِنَّ إِجْمَاعَ النَّاسِ عَلَى نِسْبَةِ رَجُلٍ إِلَى نِسْبَةٍ لا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِ مَنِ اسْمُهُ كَذَلِكَ، كَمَا أَنَّ الْعُمَرِيَّ لا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَالْمُحَمَّدِيَّ لا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْبَكْرِيَّ لا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ، وَالْعَلَوِيَّ لا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ، وَالْعُثْمَانِيَّ لا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِ عُثْمَانٍ، وَالْحَنْبَلِيَّ لا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهَلُمَّ جَرًّا، فَلا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ بِالأَشْعَرِيِّ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَدِهِ، وَرُبَّمَا نُسِبَ إِلَى نَسَبِ الإِنْسَانِ غَيْرُهُ، وَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ» ، ثُمَّ أَرَادَ الإِطَالَةَ وَالشَّقَاشِقَ بِذِكْرِ نَسَبِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَفَضَّلَهُ بِأُمُورٍ لَيْسَ لِذِكْرِهَا مَحَلٌّ، وَإِنَّمَا قَصْدُهُ الإِطَالَةُ وَالتَّمْويهُ وَالتَّخْفِيقُ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ لا شَكَّ فِيهِ، وَلا خَفِيَ، وَلا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ، وَذَكَرَ نَسَبَ إِبْرِاهِيمَ وَالْخِلافَ فِيهِ بِأُمُورٍ طَوِيلَةٍ، ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا سَبَبُ رُجُوعِ أَبِي الْحَسَنِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَتَبَرِّيهِ مِمَّا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ، فَقَدْ أُثْبِتَ لَهُ الاعْتِزَالَ، وَأَنَّهُ كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ.
اسم الکتاب :
جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر
المؤلف :
ابن المِبْرَد
الجزء :
1
صفحة :
122
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
إن مکتبة
مدرسة الفقاهة
هي مكتبة مجانية لتوثيق المقالات
www.eShia.ir