اسم الکتاب : كتاب الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين أو الأربعين الطائية المؤلف : الطائي، أبو الفتوح الجزء : 1 صفحة : 44
ورسوله " يريد بِذَلِكَ أن من قصد بالهجرة رضا اللَّه تَعَالَى ولم يخلطها بشيء من الدنيا فهجرته مقبولة عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وأجره واقع عَلَى اللَّه تَعَالَى.
" ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أَوِ امرأة يتزوجها " يريد أن حظه من هجرته مَا قصد ونواه، وليس لَهُ عند اللَّه تَعَالَى أجرة، ولا من الثواب حظ.
ويقال: إن هَذَا إنما جاء فِي رجل لأجل امرأة أبت أن تتزوجه حَتَّى يهاجر إليها فهاجر وتزوجها، فكنا نسميه (مهاجر أم قيس) .
وقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: " نية المؤمن خير من عمله " قيل: أراد بِهِ من عمل الكافر "، وقيل: لأن العمل يدخله الرياء، والنية لا يدخلها الرياء، ولأن النية تصلح العمل فكانت خيرا من العمل.
(والنية) فِي اللغة عبارة عَنِ القصد، ويقال: نويت الشيء، إذا قصدته وعزمت عَلَيْهِ بقلبك، وَقَالَ بعضهم: أصل النية الطلب، يقال: لفلان عندي نية ونواة، أي طلبة وحاجة ويجوز فِيهِ التخفيف والتشديد.
وأما (الدنيا) فهي اسم لهذه الدار الأولى، وهي (فعلى) من دنا يدنو، وسميت بِهِ لدنوها، قَالَ اللَّه تَعَالَى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} ، ويجوز أن تكون دنيا (فعلى) من الدني، وَهُوَ الخسيس.