responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فوائد ابن أخي ميمي الدقاق المؤلف : ابن أخي ميمي    الجزء : 1  صفحة : 111
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ وحدَهُ
220 - أخبرنا أبوالحسينِ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ النَّقُّورِ البزازُ قالَ: أخبرنا أبوالحسينِ محمدُ بنُ عبدِاللهِ بنِ الحسينِ بنِ عبدِاللهِ بنِ هارونَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي جُمادى الأُولى سنةَ ثمانٍ وثَمانينَ وثلاثِمئةٍ قالَ: حدثنا أبوالقاسمِ عبدُاللهِ بنُ محمدِ بنِ عبدِالعزيزِ قالَ: حدثنا أبوعبدِاللهِ محمدُ بنُ عبادٍ المكيُّ قالَ: حَدَّثَنَا حاتمُ بنُ إسماعيلَ، عَنْ أَبِي جزرةَ يعقوبَ بنِ مجاهدٍ، عَنْ عبادةَ بنِ الوليدِ بنِ عبادةَ بنِ الصامتِ قالَ:
خرجتُ أَنا وأَبي نطلبُ العلمَ فِي هَذَا الحيِّ مِن الأنصارِ قبلَ أنْ يهلِكوا، فكانَ أولَ مَن لَقينا أبواليَسَرِ السلميُّ صاحبُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ غلامٌ لَهُ وَعَلَيْهِ بُردةٌ ومَعَافِريٌّ وَعَلَى غلامِهِ بُردةٌ ومَعَافِريٌّ وَمَعَهُ ضِمامةُ صحفٍ، فقالَ لَهُ: إنِّي كأنِّي أَرى فِي وجهِكَ سَفعةً مِن غضبٍ؟ قالَ: أجلْ، كانَ لِي عَلَى فلانِ بنِ فلانٍ الحراميِّ مالٌ، فأتيتُ أهلَه فقلتُ: أثَمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لا، فخرجَ عليَّ ابنٌ لَهُ جَفْرٌ، فقلتُ لَهُ: أينَ أبوكَ؟ قالَ: سمعَ كلامَكَ فدخَلَ أَريكةَ أُمي، فقلتُ: اخرجْ إليَّ قَدْ علمتُ أينَ أنتَ، فخرجَ إليَّ فقلتُ: مَا حملَكَ عَلَى أَن اختبأْتَ مِني؟ قالَ: أَنا واللهِ أُحدِّثك وَلا أَكذِبُكَ، خشيتُ واللهِ أَن أُحدِّثك فأَكذِبَكَ أَوْ أَعدِكَ فأُخلِفَكَ، وكنتَ صاحبَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنتُ واللهِ مُعسِراً، فقلتُ: آللهِ؟ قالَ: آللهِ، فقلتُ: آللهِ؟ فقالَ: آللهِ، ثلاثَ مراتٍ، / فقالَ: هَا، فنشَرَ الصحيفةَ، فمَحى الحقَّ وقالَ: إنْ وجدتَّ فَضْلًا -[112]- فاقضِني، وَإِلَّا فأنتَ في حِلٍّ.
فأشهدُ لبصُرَ عَيناني هاتانِ - ووضعَ أُصبعيهِ على عَينيهِ - وسمعتْ أُذناني - ووضعَ أُصبعيهِ فِي أُذنيهِ - ووَعاهُ قَلبي هَذَا - وأشارَ إِلَى نياطِ قلبِهِ- رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: "مَن أنظرَ مُعسراً أَوْ وضعَ لَهُ أظلَّهُ اللهُ جلَّ وعزَّ فِي ظلِّه".
قالَ: قلتُ لَهُ أَنا: يَا عمِّ لَوْ أخذتَ بُردةَ غلامِكَ وأَعطيتَه مَعَافِريَّكَ وأخذتَ مَعَافِريَّه وأعطيتَه بردتَكَ، فمسحَ رأْسي وقالَ: اللهمَّ باركْ لَهُ فِيهِ، قالَ: يَا ابنَ أَخي، بصُرتْ عَيناي هاتانِ -قالَ مثلَ قولِهِ الأولِ- وسمعتْ أُذناي هاتانِ ووَعاهُ قَلبي هَذَا -وأشارَ إِلَى عَينيهِ وَإِلَى أُذنيهِ وَإِلَى نياطِ قلبِهِ- رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: "أطعِموهم مِما تأكُلونَ، واكسوهم مِما تلبسونَ". فكانَ أَن أعطيتُه مِن متاعِ الدُّنيا أحبُّ إليَّ مِن أَن يأخُذَ مِن حَسناتي يومَ القيامةِ.
قالَ: ثُمَّ أَتينا جابرَ بنَ عبدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي مسجدِهِ وَهُوَ يُصلِّي فِي ثوبٍ واحدٍ وثيابُه إِلَى جنبِهِ، فتخطَّيتُ القومَ حَتَّى جلستُ بينهَ وبينَ القبلةِ، فقلتُ لَهُ: يَا عمِّ، تُصلِّي فِي ثوبٍ واحدٍ وثيابُكَ إِلَى جنبِكَ؟ فقالَ بيدِهِ فِي صَدري هَكَذَا: أردتُ أَن يدخُلَ عليَّ الأحمقُ مثلُكَ فيَرى كيفَ أصنعُ فيصنعُ مثلَه.
أَتانا رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مسجدِنا هَذَا وَفِي يدِهِ عُرجونٌ، فرأَى نُخامةً فِي قبلةِ المسجدِ، فحَتَّها بالعُرجونِ الَّذِي فِي يدهِ، ثُمَّ أقبلَ عَلَيْنَا فقالَ: "أيُّكم يحبُّ أَن يُعرِضَ اللهُ جلَّ وعزَّ عَنْهُ؟ " قالَ: فخشيتُ أَوْ فَخَشِينَا أنْ يقولَها ثَلاثًا، فقُلنا: لا أيُّنا يَا رسولَ اللهِ، قالَ: "فإنَّ أحدَكم إِذَا قامَ إِلَى الصلاةِ فإنَّ اللهَ جلَّ وعزَّ قِبَلَ وجهِهِ فَلا يبصقْ قِبَلَ وجهِه وَلا عَنْ يمينِهِ ولكنْ عَنْ يسارِهِ أَوْ تحتَ قدمِهِ اليُسرى، فإنْ عجلتْ لَهُ بادِرةٌ فليقول هكذا - وقالَ بثوبِهِ على أنفِهِ- أَروني عَبيراً". فقامَ فتَى مِن / الحيِّ يشتدُّ إِلَى أهلِهِ فجاءَ بخَلُوقٍ فِي راحتِهِ، فأخَذَه رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلَه عَلَى -[113]- طرفِ العُرجُونِ، ثُمَّ لَطخَ بِهِ مكانَ النخامةِ.
قالَ جابرٌ: فمِن هناكَ جعلتُم الخَلوقَ فِي مساجِدِكم.
سِرْنا مَعَ رسولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وهو يطلبُ المجاديَّ ابنَ عَمرو، فكانَ الناضحُ يَعتِقبُهُ الخمسةُ مِنا والستةُ والسبعةُ، فدارتْ عَقبةُ رجلٍ مِن الأنصارِ على ناضحٍ له، فأناخَه فركِبَه، ثم بعَثَه فَتَلدَّنَ بعضَ التَّلَدُّنِ، فقالَ: شأْ لعنَكَ اللهُ، فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن هَذَا اللاعِنُ بعيرَه؟ " قالَ: أَنا يَا رسولَ اللهِ، قالَ: "انزلْ عَنْهُ، لا تصحَبْنا بملعونٍ"، ثُمَّ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَدْعوا عَلَى أنفُسِكم وَلا عَلَى أولادِكم وَلا عَلَى أموالِكم وَلا عَلَى خدمِكم، لا تُوافِقوا مِن اللهِ جلَّ وعزَّ سَاعَةً فِيهَا عطاءٌ فيستجيبُ لَكُمْ".
سِرْنا مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكانَ قوتُ كلِّ رجلٍ مِنا تمرةٌ كانَ يمضغُها ثُمَّ يصرُّها فِي ثوبِهِ، فأُقسمُ لأُخِطئَها رجلٌ مِنا يَوْمًا، فانطلَقْنا مَعه فشهِدْنا لَهُ أنَّه لم يُعطاها، فأُعطيَها فقامَ كأحدِنا.
سِرْنا مَعَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كانَ عُشَيشَيةٌ ودَنونا مِن ماءٍ مِن مياهِ العربِ، قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن رجلٌ يتقدَّمُنا إِلَى البئرِ فيشربُ ويَسقينا؟ " قالَ جابرٌ: فقلتُ: هَذَا رجلٌ، فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن رجلٌ مَعَ جابرٍ؟ " فقامَ جبَّار بنُ صخرٍ، فانطلَقْنا حَتَّى أَتينا البئرَ ونزعْنا سَجْلا أَوْ سجلينِ فِي الحوضِ فمَدَرْناهُ ثم نزَعْنا فيه، حتى كانَ أولَ طالعٍ عَلَيْنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقالَ: "تأذَنانِ؟ " فقُلنا: نَعم يَا رسولَ اللهِ، فأَشرعَ ناقتَهُ فشربَتْ ثُمَّ شَنَقَ لَهَا ثُمَّ فَشَجَتْ فبالَتْ، ثُمَّ عدلَ بِهَا -[114]- وأَناخَها، ثُمَّ أَتى الحوضَ فتوضَّأَ مِنه، قالَ جابرٌ: فقمتُ إِلَى متوضَّأ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتوضَّأتُ مِنه، وذهبَ جبَّارُ بنُ صخرٍ يَقضي حاجتَه، وقامَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلِّي وكانتْ عَلَيْهِ بُردةٌ، فذهبتُ أُخالِفُ بينَ طَرفيها فلم تَفي، وكانَ لَهَا ذَباذِبُ فنكستُها ثُمَّ خالفتُ بينَ طَرفيها ثُمَّ تواقَصتُ عَلَيْهَا، / وجئتُ حَتَّى أقومَ عَنْ يسارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأَخَذني فجَعَلني عَنْ يمينِهِ، وجاءَ جبَّارُ بنُ صخرٍ فقامَ عَنْ يسارِهِ، فدفَعَنا حَتَّى جعَلَنا مِن خلفِهِ، وجعلَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرمُقني ويُشيرُ إليَّ وأَنا لا أشعرُ يقولُ: ائتزرْ بِهَا ووصَفَه، فلمَّا فرغَ قالَ: "يَا جابرُ، إِذَا كانَ وَاسِعًا فخالِفْ بينَ طَرفيهِ، وَإِذَا كانَ ضيِّقاً فاشدُدْه عَلَى (بدنِك؟) ".
سِرْنا مَعَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا نزلْنا وَادِيًا أَفْيَحَ فذهبَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقضي حاجتَه واتبعتُهُ، فنظرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَستترُ بِهِ، فنظرَ فَإِذَا فِي شاطئِ الْوَادِي شَجرتينِ، فانطلقَ إِلَى إحداهُما - يَعني فأخذَ غُصناً مِن أغصانِها - فقالَ: "انْقادي مَعي بإذنِ اللهِ جلَّ وعزَّ"، فانقادتْ مَعه كالبعيرِ المَخْشوشِ الَّذِي يُصانعُ قائِدَهُ، حَتَّى أَتى الأُخرى فأخذَ غُصناً مِن أغصانِها فقالَ: "انْقادي عليَّ بإذنِ اللهِ جلَّ وعزَّ"، فانقادتْ مَعَهُ كذلكَ، حَتَّى إِذَا كانَ بالمَنْصَفِ مِما بينَهما أَلْأَمَ بينَهما فقالَ: "التامي عليَّ بإذنِ اللهِ جلَّ وعزَّ"، فالتأَمتا عليهِ.
قالَ جابرٌ: فخرجتُ أُحضِرُ مخافةَ أَن يُحِسَّ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقُربي فينفرَ، فجلستُ أُحدثُ نَفسي، فحانتْ مِني لَفتةٌ فَإِذَا أَنَا برسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقبلٌ، وَإِذَا الشَّجرتينِ قَدِ افترقَتا فقامتْ كلُّ واحدةٍ مِنهما عَلَى ساقٍ، فرأيتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقفَ وَقفةً فقالَ برأسِهِ هَكَذَا عَنْ يمينِهِ، ثُمَّ قالَ برأسِهِ هَكَذَا عَنْ يسارِهِ، ثُمَّ أقبلَ عَلينا فقالَ: "يَا جابرُ، هَلْ رأيتَ مَقامي الَّذِي قمتُ فِيهِ؟ " قلتُ: بَلَى، قالَ: -[115]- "فانطلِقْ إِلَى الشَّجرتينِ فاقطعْ مِن كلِّ واحدةٍ مِنهما غُصناً، ثُمَّ أقِبلْ بِهِمَا حَتَّى إِذَا قُمتَ فِي مَقامي فأرسِلْ غُصناً عَنْ يمينِكَ وغُصناً عَنْ يسارِكَ"، قالَ: فانطلقتُ فأخذتُ حَجَرًا فكسرتُهُ فانفلقتْ لِي ثُمَّ أتيتُ الشَّجرتينِ فقطعتُ مِن كلِّ واحدةٍ مِنهما غُصناً ثُمَّ أَقبلتُ أَجرُّهما حَتَّى إِذَا قمتُ فِي مَقامِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسلتُ غُصناً عَنْ يَميني وغُصناً عَنْ يَساري، قالَ: ثُمَّ لحقتُهُ فقلتُ: يَا رسولَ اللهِ ففيمَ ذاكَ؟ قالَ: "إنِّي مَررتُ بقَبرينِ يُعذَّبان، فأحببتُ بشفَاعتي أَن يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا دامَ الغُصنانِ رَطبينِ".
قالَ: ثمَّ أَتينا العسكرَ، فقالَ: "يَا جابرُ، نادِ بوَضوءٍ"، فقلتُ: أَلا وَضوءَ؟ أَلا وَضوءَ؟ أَلا وَضوءَ؟ فقلتُ: يَا رسولَ اللهِ مَا وجدتُ فِي الرَّكبِ مِن قطرةٍ، / قالَ: فكانَ رجلٌ مِن الأنصارِ لَهُ أَشجابٌ يُبرِّدُ فِيهَا الماءَ لرسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حمارةٍ لَهُ مِن جريدٍ، فقالَ: "انطلقْ إِلَى فلانٍ الأنصاريِّ فانظرْ هَلْ فِي أَشجابِهِ شَيْئًا"، فانطلقتُ فَمَا وجدتُ فِيهَا مَاءً إِلا قَطْرَةً فِي عَزْلاءَ شَجْبٍ مِنها لَوْ أنِّي أُفرغُه لَشربَه يابِسُه، قالَ: "فانطلِقْ فائْتني به"، فجعلَ يغمرُه ويتكلَّمُ كَلامًا مَا أَدري مَا هُوَ، ثم قالَ: "يا جابرُ، نادي بجَفنةٍ"، فقلتُ: أَيَا جَفنةَ الرَّكبِ ثَلاثًا، فأتيتُ بِهَا تُحملُ حَتَّى وضعتُها بينَ يديهِ، فأَعطاني الشَّجْبَ وقالَ: "خُذْ فصُبَّ عليَّ"، وقالَ: "بسمِ اللهِ"، وقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بيديهِ في الجفَنةِ هكذا - ووصفَه أبوعبدِاللهِ وفرَّقَ بينَ أصابعِهِ وضمَّ الإبهامَينِ والسَّبابَتينِ- وقالَ: "صُبَّ عليَّ بسمِ اللهِ"، قالَ: فنظرتُ إِلَى الماءِ يفورُ مِن بينِ أصابعِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فثارَ الماءَ فِي الجَفنةِ حَتَّى امتلأَتْ، فقالَ: "يَا جابرُ، نادِ مَن لَهُ حاجةٌ بماءٍ"، فجاءَ الناسُ بأَسقيتِهم فاستَقوا حَتَّى رَوَوا، فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ بقيَ أحدٌ لَهُ حاجةٌ؟ " رَفَعَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديهِ مِن الجَفنةِ وَهِيَ مَلآنةٌ.
-[116]-
قالَ: وكُنا نَختبِطُ بقِسيِّنا فنأكلُ حَتَّى قَرِحتْ أَشداقُنا، وشَكى الناسُ إِلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجوعَ، فقالَ: "عَسى اللهُ جلَّ وعزَّ أَن يُطعمَكم"، فقالَ جابرٌ: فأتَينا سِيفَ البحرِ، فزخَرَ زَخرةً فَأَلْقَى حُوتًا، فأَورَينا النارَ عَلَى شِقِّها وطبَخْنا فأكَلْنا وشبِعْنا وأخَذْنا مِن أضلاعِها فقوَّسناهُ، وعمدْنا إِلَى أعظمِ رجلٍ فِي الرَّكبِ وأعظمِ جملٍ فِي الرَّكبِ، فدخَلَ تحتَه مَا يُطأطِئ رأسَه. قالَ: فدخلتُ أَنا وفلانٌ وفلانٌ حتى عدَّ خمس نفرٍ فِي حِجاجِ عينِها فَلَمْ يَرَنا أحدٌ.

اسم الکتاب : فوائد ابن أخي ميمي الدقاق المؤلف : ابن أخي ميمي    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست