responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فنون العجائب المؤلف : النقاش، أبو سعيد    الجزء : 1  صفحة : 106
§حَدِيثُ أَهْلَثَ

85 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلَاذُرِيُّ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَكَارِزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُزَاحِمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سِمَاكٍ الْكِتَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَهْبِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ أَوْسٍ الدَّارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ جُلَسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَنَقَهُ، وَقَبَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَبِينَ صَاحِبِهِ مَوْضِعَ السُّجُودِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرَ إِلَيْهِمَا مُبْتَسِمًا، فَقَالَ تَمِيمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الِاعْتِنَاقِ لِلْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ يَا تَمِيمُ، إِنَّ §الْمُسْلِمِينَ إِذَا الْتَقَيَا، فَتَصَافَحَا، وَسَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ هَذَانِ تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُمَا عَنْهُمَا، كَمَا تَحَاتُّ الْوَرَقُ مِنَ الشَّجَرِ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ يَا تَمِيمُ، بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَرْعَى غَنَمًا لَهُ فِي جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِذْ هُوَ بِصَوْتِ رَجُلٍ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَيُمَجِّدُهُ، فَذَهَلَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ غَنَمِهِ، وَقَصَدَ الصَّوْتَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ طُوَالٍ يُسَمَّى: أَهْلَثُ الْعَابِدُ، طُولُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَهْلَثُ، بَعْدَ أَنْ عَرَفَ اسْمَهُ، هَلْ بَقَيَ مِنْ قَوْمِكَ غَيْرُكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: رَبُّ السَّمَاءِ، قَالَ: فَمَنْ رَبُّ السَّمَاءِ؟ قَالَ: رَبُّ السَّمَاءِ اللَّهُ، قَالَ: مَا دِينُكَ؟ -[107]- قَالَ: الْإِسْلَامُ، قَالَ: فَأَيْنَ قِبْلَتُكَ؟ قَالَ: فَأَوْمَى بِيَدِهِ نَحْوَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فَسُرَّ إِبْرَاهِيمُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَأَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ فَقَالَ: فِي جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: فَأُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ، قَالَ: لَنْ تَسْتَطِيعَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَهْرًا مِنْ مَاءٍ، بَعِيدًا غَوْرُهُ، كَثِيرًا مَاؤُهُ، قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَأَيْنَ مَمْشَاكَ؟ قَالَ: عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَإِنَّ الَّذِي ذَلَّلَهُ لَكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُسَخِّرَهُ لِي، فَمَضِيَا يَمْشِيَانِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى بَيْتِ أَهْلَثَ، فَإِذَا قِبْلَتُهُ، قِبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَيُّ يَوْمٍ أَشَدُّ عَلَى النَّاسِ يَا أَهْلَثُ؟ قَالَ: يَوْمُ يَنْزِلُ الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، فَتُوضَعُ الْمَوَازِينُ، وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: صَدَقْتَ يَا أَهْلَثُ إِنَّهُ لِيَوْمٌ عَظِيمٌ، إِلَّا مَنْ هَوَّنَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا أَهْلَثُ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُهَوِّنَ عَلَيْنَا هَوْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، قَالَ أَهْلَثُ: هَذَا إِلَيْكَ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إِنَّ لِي عَشَرَ سِنِينَ، أَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَمْ أَرْ لَهَا إِجَابَةً، قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: يَا أَهْلَثُ، إِنَّ اللَّهُ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا، وَكَانَ دَعَّاءً، فَدَعَا: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَوْتٌ أُحِبُّهُ لَا أُنْكِرُهُ، امْكُثُوا لِقَضَاءِ حَاجَةِ عَبْدِي، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ دَعَّاءٍ، فَدَعَا، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَوْتٌ أَبْغَضُهُ، وَأُنْكِرُهُ، اقْضُوا حَاجَةَ عَبْدِي، وَمَا كَانَ مِنْ دُعَاءه، قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي رَأَيْتُ، رَأَيْتُ وَجْهًا عَلَيْهِ ذُؤَابَتَانِ تَضْرِبَانِ خُضْرَةً يَرْعَى غَنَمًا حِسَانًا، وَبَقَرًا سِمَانًا، فَلَا أَدْرِي أَيُّ الْأَشْيَاءِ أَحْسَنَ، الْغُلَامُ أَمْ رَعِيَّتُهُ فَإِذَا هُوَ يُسَبِّحُ اللَّهَ، وَيَحْمَدُهُ، وَيُهَلِّلُهُ، وَيُكَبِّرُهُ، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، قَالَ أَهْلَثُ: فَقُلْتُ: يَا غُلَامُ، لِمَنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ وَالْغَنَمِ؟ قَالَ: لِإِبْرَاهِيمَ، قَالتَ: وَمَنْ إِبْرَاهِيمُ؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، قُلْتُ: وَمَا أَنْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: ابْنُ ابْنِهِ، وَهُوَ جَدِّي فَأَنَا مُبْتَهِلٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ كَانَ لَهُ فِي الْأَرْضِ خَلِيلٌ أَنْ يُرِينَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ قَالَ: فَتَبَسَّمَ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَثُ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ، وَالْخَلِيلُ: هُوَ الصَّدِيقُ، فَقَامَ أَهْلَثُ قَائِمًا يَبْكِي، فَاعْتَنَقَ إِبْرَاهِيمَ، وَقَبَّلَ مَوْضِعَ السُّجُودِ، عِنْدَ ذَلِكَ شَهَقَ أَهْلَثُ شَهْقَةً حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَتَوَلَّى إِبْرَاهِيمُ أَهْلَثَ حَتَّى أَجَنَّهُ -[108]- فِي حُفْرَتِهِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ وَلَدِهِ "

اسم الکتاب : فنون العجائب المؤلف : النقاش، أبو سعيد    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست