الخضر حيا لكان يعبده سبحانه وتعالى.
أما ما ورد من أنه اجتمع مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه حضر عند موته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعزى فيه الصحابة، وأنه يجتمع في كل سنة مع إلياس بالموسم، فكل ذلك باطل موضوع، حسبما نص عليه أئمة الشأن كالذهبي وابْن حجر، والسخاوي، والسيوطي، وقد أطال السيوطي في هَذَا المبحث في اللآلئ المصنوعة.
وأما اجتماعه بالكمل من الأولياء الصالحين حقا، فهو أمر بلغ التواتر، وصرح الْحَافِظ ابْن حجر بصحة اجتماع عمر بْن عبد العزيز بِهِ، بل قَالَ: إنه صح ما ورد في بشأنه، وعليه فيحمل على روحه، وأنها تتشكل وتتمثل بصورته ومثاله، كما قررنا في رؤية الأولياء للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقظة، والأرواح لها تصرف بعد الموت كالحياة، ويدل لهَذَا أن من يراه من الناس يراه هو وحده لا غير، ولو كان جسما لرآه كل حي مر بِهِ لأنه آدمي لا ملك ولا جني.
فرؤيته لبعض الأولياء جهارا رؤية نورانية وهي من رؤية المثال لا في عالم الشهود، لأنه لو كان في عالم شهود الشخص لكان من جملة الخيال والحدس أو حديث النفس، وللأولياء أحوال لا يقدرون أن يعبروا عنها فكيف يعبر عنها غيرهم، ولا نظن بالصادق منهم إلا الخير رَضِيَ اللَّه عنهم وهَذَا من جملة البشرى التي وعدهم اللَّه بها، في قوله جل ذكره: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس: 62 - 64] .