responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حديث ابن ديزيل المؤلف : ابن دِيْزِيلَ    الجزء : 1  صفحة : 26
1 - حدثنا إسماعيل ابن أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
-[27]-
2 - قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وحدثني أيضاً عبد الله ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّةِ ثُمَّ الْبُخَارِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ.
-[28]-
3 - وَقَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: قَالَ لِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ.
4 - وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ ابن أَبِي بَكْرٍ: قَالَتْ عَمْرَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. قَالَ عُرْوَةُ وَقَالَتْ عَمْرَةُ فَخَرَجَ سَهْمُ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ. قَالَ عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ جُوَيْرِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ قَلِيلَةَ اللَّحْمِ خَفِيفَةً وَكَانَتْ تَلْزَمُ خدْرَهَا فَإِذَا أَرَادَ النَّاسُ الرَّحِيلَ ذَهَبَتْ فَتَوَضَّأَتْ وَرَجَعَتْ فَجَلَسَتْ فِي محفَّتِهَا فَيَرْحَلُ بَعِيرُهَا ثُمَّ تُحْمَلُ محفَّتُهَا فَتُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ وَهِيَ فِي الْمحَفَّةِ. فَكَانَ أول ما قال فيها المنافقون من اشترك في أمر عائشة أنها خرجت توضأ حِينَ دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ فَانْسَلَّ مِنْ عُنُقِهَا عِقْدٌ لَهَا مِنْ جِزْعِ ظفارٍ فَارْتَحَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ وَهِيَ فِي بغَاءِ الْعِقْدِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِرَحِيلِهِمْ فَشَدُّوا عَلَى بَعِيرِهَا الْمحَفَّةَ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا فِيهِ كَمَا كَانَتْ تَكُونُ، فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا فَلَمْ تَجِدْ فِي الْعَسْكَرِ أَحَدًا وَغَلَبَتْهَا عَيْنَاهَا
قَالَ عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُصْطَلِقِ -[29]- السُّلَمِيُّ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخَلَّفَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَنِ الْعَسْكَرِ حَتَّى أصبح قالت: بمر بِي فَرَآنِي فَاسْتَرْجَعَ وَأَعْظَمَ مَكَانِي حِينَ رَآنِي وَحْدِي. وَكُنْتُ أَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُنِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ.
قَالَتْ فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي فَسَتَرْتُ عَنْهُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِي فَقَرَّبَ لِي بَعِيرَهُ وَوَطِئَ عَلَى ذِرَاعِهِ وَوَلانِي قَفَاهُ حَتَّى رَكِبْتُ وَسَوَّيْتُ ثِيَابِي ثُمَّ بَعَثَهُ فَأَقْبَلَ يَسِيرُ بِي حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ نِصْفَ النَّهَارِ أَوْ نَحْوَهُ فَهُنَالِكَ قَالَ فيَّ وَفِيهِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ وَأَنَا لا أَعْلَمُ شَيْئًا مَنْ ذَلِكَ وَلا مِمَّا يَخُوضُ فِيهِ النَّاسُ. وَكُنْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَاكِيَةً وَكُنْتُ أَوَّلَ مَا أَنْكَرْتُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِي أَنَّهُ كَانَ يَعُودُنِي إِذَا مَرِضْتُ فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيَالِي لا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَلا يَعُودُنِي إِلا أَنَّهُ يَقُولُ وَهُوَ مَارٌّ: ((كَيْفَ تِيكُمْ)) فَيَسْأَلُ عَنِّي بَعْضَ أَهْلِ الْبَيْتِ. فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرَ فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِي غَمَّهُ ذَلِكَ. قَالَتْ وَقَدْ كُنْتُ شَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى أُمِّي قَبْلَ ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجَفْوَةِ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ اصْبِرِي فَوَاللَّهِ مَا كَانَتِ امْرَأَةً حَسْنَاءَ يُحِبُّهَا زَوْجُهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلا رَمَيْنَهَا.
قَالَتْ: فَوَجَدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَبِيحَتِهَا إلى عَلِيَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، وَكُنَّا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَيْسَتْ لَنَا كُنُفٌ كُنَّا نَذْهَبُ كَمَا تَذْهَبُ الْعَرَبُ لَيْلا إِلَى اللَّيْلِ. فَقُلْتُ لأُمِّ مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: خُذِي الإِدَاوَةَ فَامْلَئِيهَا مَاءً وَاذْهَبِي بِنَا الْمَنَاصِعَ، وَكَانَتْ وَابْنُهَا مِسْطَحٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ قَرَابَةٌ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ينفق عليها وَكَانُوا يَكُونُونَ مَعَهُ وَمَعَ أَهْلِهِ، فَأَخَذَتِ الإِدَاوَةَ وَخَرَجْنَا نَحْوَ الْمَنَاصِعِ وَإِنَّ بِي لِمَا يَشُقُّ عَلَيَّ مِنَ الْغَايطِ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ، قَالَتْ: ثُمَّ مَشَيْنَا فَعَثَرَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ لِصَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبِ بَدْرٍ، قَالَتْ: إِنَّكِ لَغَافِلَةٌ عَمَّا فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِكِ، فَقُلْتُ أَجَلْ فَمَا ذَاكَ قَالَتْ: إِنَّ مِسْطَحًا وفلاناً وفلانة ومن اسْتَزَلَّهُمَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ عَبْدِ الله ابن أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ مِنَ الْخَزْرَجِ الأَنْصَارِيِّ يَتَحَدَّثُونَ عَنْكِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطّلِ يَرْمُونَكِ بِهِ
قَالَتْ: فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدَ مِنَ الْغَايِطِ -[30]- وَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بدئي إلى بيتي، فلما أصبحنا في تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَإِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَأَخْبَرَهُمَا بِمَا قِيلَ فيَّ وَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، فَقَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَى أَهْلِكَ سُوءًا، وَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ النِّسَاءُ وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ الْخَبَرَ فَتَوَعَّدِ الْخَادِمَ وَاضْرِبْهَا تُخْبِرُكَ يَعْنِي بَرِيرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: شَأْنُكَ أَنْتَ بِالْخَادِمِ، فَسَأَلَهَا عَلِيٌّ وَتَوَعَّدَهَا فَلَمْ تُخْبِرْهُ وِالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلا خَيْرًا ثُمَّ ضَرَبَهَا وَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ إِلا أَنَّهَا جُوَيْرِيَةٌ تُصْبِحُ عَنْ عَجِينَ أَهْلِهَا فَتَدْخُلُ الشَّاةُ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُ مِنَ الْعَجِينِ.
قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ حِينَ سَمِعَ مَا قَالَتْ فيَّ بَرِيرَةَ لِعَلِيٍّ فخرج إلى الناس صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ قَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ لِي مِنْ رِجَالٍ يُؤْذُونِي فِي أَهْلِي وَمَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ سُوءًا وَيَرْمُونَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِي مَا عَلِمْتُ [عَلَيْهِ] سُوءًا وَلا خَرَجْتُ مَخْرَجًا إِلا خَرَجَ مَعِي فِيهِ)) فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الأَشْهَلِيُّ مِنَ الأَوْسِ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَحَدٍ مِنَ الأَوْسِ كَفَيْنَاكَهُ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْخَزْرَجِيُّ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ وَهَذَا وَاللَّهِ الْبَاطِلُ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الأَشْهَلِيُّ وَرِجَالُ الْفَرِيقَيْنِ فَاسْتَبُّوا وَتَنَازَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَعْظُمَ الأَمْرُ بَيْنَهُمْ.
فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي وَبَعَثَ إِلَى أَبَوَيَّ فَأَتَيَاهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: ((يَا عَائِشَةُ إِنَّمَا أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ فَإِنْ كُنْتِ أَخْطَأْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِيهِ)) فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لا أَفْعَلُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْوَحْيُ يَأْتِيهِ، فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لِي كَمَا قَالَ أَبِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَقْرَرْتُ عَلَى نَفْسِي بِبَاطِلٍ تُصَدِّقُنِي وَلَئِنْ بَرَّأْتُ نَفْسِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةً لَتُكَذِّبُنِي فَلَمْ أَجِدْ لِي وَلَكُمْ إِلا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ حِينَ يَقُولُ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا -[31]- تصفون} وَنَسِيتُ اسْمَ يَعْقُوبَ لِمَا بِي مِنَ الْحُزْنِ وَالْبُكَا وَاحْتِرَاقِ الْجَوْفِ، فَتَغَشَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ مِنَ الْوَحْيِ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَعْرَقُ فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: ((أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ)) قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِي أَمْرِي وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو لِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ بَرَاءَتِي أَنْ يُرِيَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِي رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا عِنْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لِي أَبَوَايَ عِنْدَ ذَلِكَ: قُومِي فَقَبِّلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ لا بِحَمْدِكُمْ.
قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ وَأُمِّهِ فَلَمَّا رَمَانِي حَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يُنْفِقَهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا قَالَتْ: فَلَمَّا تَلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلا: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} بَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: بَلَى يَا رَبِّ وَعَادَ لِلنَّفَقَةِ عَلَى مِسْطَحٍ وَأُمِّهِ
قَالَتْ: وَقَعَدَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَقَالَ صَفْوَانُ لِحَسَّانَ فِي الشِّعْرِ حِينَ ضَرَبَهُ:
تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ مِنِّي فَإِنَّنِي ... غلامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرٍ
وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حماي و [أنتقم] ... مِنَ الْبَاهِتِ الرَّامِي الْبَرَاءِ الطَّوَاهِرِ
فَصَاحَ حَسَّانُ وَاسْتَغَاثَ عَلَى صَفْوَانَ، فَلَمَّا جَاءَ النَّاسُ فَرَّ صَفْوَانُ وَجَاءَ حَسَّانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَعْدَاهُ عَلَى صَفْوَانَ فِي ضَرْبَتِهِ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَهِبَ لَهُ ضَرْبَةَ صَفْوَانَ فَوَهَبَهَا لَهُ، فَعَاضَهُ مِنْهَا حَائِطًا مِنَ النَّخْلِ عَظِيمًا وَجَارِيَةً رُومِيَّةً يُقَالُ أَوْ قِبْطِيَّةً تُدْعَى سِيرِينَ، فَوَلَدَتْ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الشَّاعِرَ.
قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المطلب عن عكرمة عن عبيد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ الْمُطَّلِبِ
قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ بَاعَ حَسَّانُ ذَلِكَ الْحَائِطُ مِنْ مُعَاوِيَةَ ابن أَبِي سُفْيَانَ بِمَالٍ عَظِيمٍ فِي وِلايَتِهِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَلَغَنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ عَبْدُ اللَّهِ بن أبي سَلُولٍ أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ
-[32]-
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقِيلَ فِي أَصْحَابِ الإِفْكِ أَشْعَارٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِمِسْطَحٍ فِي رَمْيِهِ عَائِشَةَ وَكَانَ يُدْعَى عَوْفًا:
يَا عَوْفُ وَيْحَكَ هَلا قُلْتَ عَارِفَةُ ... مِنَ الْكَلامِ وَلَمْ تَتَّبِعْ طَمَعَا
وَأَدْرَكَتْك حُمَيَّا مَعْشَرٍ أُنُفٍ ... وَلَمْ تَكُنْ قَاطِعًا يَا عَوْفُ مُقْتَطِعَا
هَلا خَزَيْتَ مِنَ الأَقْوَامِ إِذْ حَشَدُوا ... فَلا تَقُولُ وَإِنْ غَازَيْتَهُمْ قَذَعَا
لَمَا رَمَيْتَ حَصَانًا غَيْرَ مُقْرَفَةٍ ... أَمِينَةَ الْجَيْبِ لَمْ تَعْلَمْ لَهَا خَضَعَا
فِيمَنْ رَمَاهَا وَكُنْتُمْ معشراً أفكاً ... في سيء الْقَوْلِ بِاللَّفْظِ الْخَنَا سُرَعَا
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرًا فِي بَرَاءَتِهَا ... وَبَيْنَ عَوْفٍ وَبَيْنَ اللَّهِ مَا صَنَعَا
فَإِنْ أَعِشْ أَجْزِ عَوْفًا فِي مَقَالَتِهِ ... شَرَّ الْجَزَاءِ بِمَا أَلْفَيْتُهُ تَبِعَا
وَقَالَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الأَشْهَلِيِّ ثُمَّ الأَزْدِيِّ فِي الَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الشِّعْرِ:
تَشْهَدُ الأَوْسُ كَهْلَهَا وَفَتَاهَا ... وَالْخماسِيُّ مِنْ نَسْلِهَا وَالْفَطِيمُ
وَنِسَاءُ الْخَزْرَجِ يَشْهَدْنَ ... بِاللَّهِ بِحَقٍّ وَذَلِكُمْ مَعْلُومٌ
أَنَّ بِنْتَ الصِّدِّيقِ كَانَتْ حَصَانًا ... عَفَّةَ الْجَيْبِ دِينُهَا مُسْتَقِيمُ
تَتَّقِي اللَّهَ فِي الْمَغِيبِ عَلَيْهَا ... نِعْمَةُ اللَّهِ سَتْرُهَا مَا تَرِيمُ
خَيْرُ هَذِي النِّسَا حَالا وَنَفْسًا ... وَأَبًا لِلْعُلَى نَمَاهَا كَرِيمُ
لِلْمَوَالِي الأُلَى رَمَوْهَا بِإِفْكٍ ... أَخَذَتْهُمْ مَقَامِعُ وَجَحِيمُ
لَيْتَ مَنْ كَانَ قَدْ قَفَاهَا بِسُوءٍ ... فِي حطامٍ حَتَّى يَتُوبَ اللَّئِيمُ
وَعَوَانٌ مِنَ الْحُرُوبِ تَلَظَّى ... لَهَبًا فَوْقَهَا عِقَابٌ صَرِيمُ
لَيْتَ سَعْدًا وَمَنْ رَمَاهَا بِسُوءٍ ... فِي حُطَامٍ حتى يَتُوبُ الظَّلُومُ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ يَبُرِّئُ عَائِشَةَ فِيمَا قِيلَ فِيهَا وَيَعْتَذِرُ إِلَيْهَا، فَقَالَ فِي الشِّعْرِ لَهَا:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزِنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
حَلِيلَةُ خَيْرِ النَّاسِ دِينًا وَمَنْصِبًا ... نَبِيِّ الْهُدَى وَالْمُكْرمات الفواضل
عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهَا غَيْرُ زَائِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خَيْمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَبَاطِلِ
-[33]-
فَإِنْ كَانَ مَا جَاءَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلائِطٍ ... بِكَ الدَّهْر بَلْ قَوْلُ امْرِئٍ جَدٍّ مَاحِلِ
وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ
لَهُ رَتَبٍ عَالٍ عَلَى النَّاسِ قَدْرُهَا ... تَقَاصَرُ عَنْهَا سُورَةَ الْمُتَطَاوِلِ
قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ فَجُلِدُوا الْحَدَّ جَمِيعًا ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ.
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ الشِّعْرِ لَهُمْ حِينَ جُلِدُوا:
لَقَدْ ذَاقَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ أَهْلَهُ ... وَحَمْنَةُ إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَحُ
تَوَاصَوْا بِرَجْمِ الْقَوْلِ زَوْجَ نَبِيِّهِمْ ... وَسَخْطَةُ ذِي الرَّبِّ الْكَرِيمِ فَأَبْرَحُوا
وَآذَوْا رَسُولَ اللَّهِ فِيهَا فَعُمِّمُوا ... مَخَازِي ذُلٍّ جَلَّلُوهَا وَفُضِّحُوا
وَصُبَّتْ عَلَيْهِمْ مُحْصَدَاتٌ كَأَنَّهَا ... شَآبِيبُ قَطْرٍ مِنْ ذُرَى الْمُزْنِ يَدْلَحُ

اسم الکتاب : حديث ابن ديزيل المؤلف : ابن دِيْزِيلَ    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست