responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بغية الملتمس في سباعيات حديث الإمام مالك بن أنس المؤلف : العلائي، صلاح الدين    الجزء : 1  صفحة : 219
عُلُومِ الْحَدِيثِ، فَلا رَيْبَ فِي عُلُوِّ هَذِهِ الدَّرَجَةِ وَعِظَمِ شَأْنِهَا، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ تَبَيُّنِ صَحِيحِ الْمَنْقُولِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَقِيمِهِ، وَثَابِتِهِ مِنْ ضَعِيفِهِ، وَنَفْيِ الْكَذِبِ وَالزُّورِ عَنِ الشَّرِيعَةِ، وَأَنْ يَلْتَبِسَ بِهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا.
لَكِنَّ أَهْلَهَا إِذَا اقْتَصَرُوا عَلَى ذَلِكَ، وَوَقَفُوا عِنْدَهُ، مَنْزِلَتُهُمْ مَنْزِلَةُ الصَّيَادِلَةِ الَّذِينَ عَرَفُوا مُفْرَدَاتِ الأَدْوِيَةِ النَّافِعَةِ وَالضَّارَّةِ وَمَرَاتِبَهَا.
وَأَهْلُ الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةُ: هُمُ الأَطِبَّاءُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُونَ فِي تِلْكَ الأَدْوِيَةِ الْمُفْرَدَةِ وَتَرَاكِيبِهَا، وَيَعْرِفُونَ مَنْ يَنْفَعُهُ، وَمَنْ يَضُرُّهُ، وَهُمُ الَّذِينَ نَصَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِلتَّفَقُّهِ فِي الأَحَادِيثِ وَفَهْمِهَا وَمَعْرِفَةِ لُغَاتِهَا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمُفْرَدَاتِهَا وَمُرَكَّبَاتِهَا، وَاسْتِنْبَاطٍ لِلأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ (الشَّرْعِيَّةِ) الْعَمَلِيَّةِ مِنْهَا.
فَهُوَ الَّذِي نَفْعُهُ عَامٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ، مُتَعَدٍّ إِلَى كُلِّ مُسْتَرْشِدٍ فِي الدِّينِ، وَلَكِنْ دَخَلَتِ الآفَةُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الدَّرَجَةِ مِنْ قُصُورِهِمْ فِيمَا عَرَفَهُ أَهْلُ الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الصَّحِيحُ بِالسَّقِيمِ، حَتَّى احْتَجُّوا بِالأَحَادِيثِ الْمُنْكَرَةِ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ أَصْلا، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ تَمْيِيزٌ بَيْنَ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، كَمَا دَخَلَتِ الآفَةُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ قُصُورِهِمْ فِي فَهْمِ الْحَدِيثِ، حَتَّى حَمَلُوهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، وَاعْتَقَدَ بَعْضُهُمْ فِي أَحَادِيثِ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَقَدْ بَسَّطْتُ الْكَلامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فِي مُقَدِّمَةِ الأَرْبَعِينَ الْكُبْرَى.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَرَزَقَهُ الْقِيَامَ بِهَاتَيْنِ الدَّرَجَتَيْنِ الأَخِيرَتَيْنِ، فَهُوَ الْحَائِزُ لِلدَّرَجَةِ الْعُلْيَا وَالْمَنْقَبَةِ الْقُصْوَى كَمَا هُوَ شَأْنُ الأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي دِينِ اللَّهِ مُجْتَهِدِينَ، فَلا تَحْصُلُ رُتْبَةُ الاجْتِهَادِ لِمَنْ قَصَّرَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الدَّرَجَتَيْنِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا هُوَ فَهْمُهُ وَتَدَبُّرُهُ

اسم الکتاب : بغية الملتمس في سباعيات حديث الإمام مالك بن أنس المؤلف : العلائي، صلاح الدين    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست