176 - ثنا عبد الله بن أحمد الخزاعي ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم أننا عبد الله بن المبارك قال: قال الحسن: إنما عاتب الله أولي الألباب لأنه يحبهم.
177 - قال إبراهيم: يقال: إن أولياء الله تعالى وأهل محبته الذين استقرت محبة الله ومعرفته في قلوبهم، منهم المرسلون والنبيون والصديقون والشهداء، فاقوا أهل السماء وأهل الأرض بشدة حبهم لله ومعرفتهم به. سقاهم كأس محبته ولذذهم بنعيمها وأذاقهم حلاوتها. فحجبتهم معرفة ربهم ومحبته عن محبة غيره. واشتغلوا بتلذذ ذكر ربهم، وودوا أنهم أكلوا أكلة تكون آخر زادهم من الدنيا اكتفاء بما قل من الدنيا. فلما أعطوا الله تعالى ذلك من قلوبهم ضيق أمعاءهم وخفف عليهم شهواتهم، فاكتفوا باليسير من المطعم وقصرت شهواتهم عما كانت. فخفت مؤونة الدنيا عليهم، فلا ينافسون فيها أحداً ولا يتنافسون للذة التي قد اكتفوا بها من حب ربهم واستغنوا بها عن كل لذة وكل شهوة مع الشوق إليه. فإذا دخلت في حال الرضا وأهل المحبة ذهبت بصفوة الدنيا والآخرة. فمن عمل في هذا بعزم وإرادة كان ذلك أفضل من كل بر يتقرب به، لأن محبة الله تستغرق أعمال العاملين. فلما اشتغلوا بحب الله أخرجهم حب الله عز وجل إلى الفكرة والعبرة. فهم يتنافسون في حب الله عز وجل كما يتنافس أهل -[76]- الدنيا في الأموال والنساء والأولاد، وصغر عندهم كل شيء من الأعمال والثواب مع الحب وثواب الحب. فأهل محبة الله في الشرف الأعلى والمنزل من الدرجات العلى.