ونهيتني عن كذا فتركت. وما أخالفك في شيء تريده، فماذا تريد مني؟ قال: تموت. فقال الضرير: ها أنا ذا أموت. وتمدد وغطى وجهه. فقلت لأصحابي: ما بقي على هذا الضرير شيء، ولكن لا يمكنه الموت في الحقيقة، ولكنه قد تشبه بالموتى. فنزلنا وخرجنا إليه، فحركناه فإذا هو ميت. فقام النوري وانصرف.
ومن الفتوة الرجوع من الإخوان على طريق المعاتبة إلى أنس الغفران. سمعت أبا الحسين القزويني يقول: سمعت جعفر الخلدي [يقول:] سمعت ابن مسروق يقول: سمعت محمد بن بشير يقول: حدثني ابن السماك أنه جرى بينه وبين صديق له كلام، فقال له صديقه: الميعاد غداً نتعاتب فقال: بل الميعاد غداً نتغافر.
ومن الفتوة حسن الظن بالخلق، وحفظ حرماتهم. سمعت أبا العباس محمد ابن الحسن البغدادي يقول: سمعت محمد بن عبد الله الفرغاني يقول: سمعت الجنيد رحمهم الله يقول، وقد كلمه أصحاب في الذين يقفون على الحلقة، فيسألونه، أنهم ليسوا بموضع للإجابة، وأنهم يتعنتون، وأحب أصحابي أن لا أجيب مثل هؤلاء. فقال: رؤيتي فيهم غير رؤيتكم، إنما أؤمل أن يتعلقوا بكلمة، فتكون سبباً لنجاتهم.