responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغرباء المؤلف : الآجري    الجزء : 1  صفحة : 37
24 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ الْمَالِكِيُّ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ:
[البحر الهزج]
§فَتًى كَاسٍ فَلَمْ يَأْنَسْ ... عَلَى مَا يَعْطَبُ النَّاسُ
وَلَكِنْ جَدَّ فِي السَّيْرِ ... فَمَا قَصَرَ مَدَ كَاسٍ
وَقَوْمٌ جَمَعُوا الدُّنْيَا ... فَصَارَ الْقَوْمُ حُرَّاسًا
فَلَمْ يَشْغَلْ بِهِمْ قَلْبًا ... وَلَمْ يَرْفَعْ بِهِمْ رَأْسًا
فَتًى أَلْبَسْهُ اللَّهُ ... الْغِنَى وَالْعِزَّ وَالْيَأْسَ
فَلَمْ يَفْتَحْ حَانُوتًا ... وَلَمْ يَخْتِمِ الْأَكْيَاسَ
وَلَمْ يَأْلَفْ مَخْلُوقًا ... وَلَمْ يَطْلُبْ جُلَّاسًا
وَلَكِنْ جَعَلَ الذِّكْرَ ... مَعَ الْقُرْآنِ أُنَاسٌ
لَهُ دَمْعٌ يُنْبِئُكَ ... عَنِ الْقَلْبِ وَمَا قَاسَ
وَيَشْجِيكَ إِذَا مَا يُتْبِـ ... ـعُ الْأَنْفَاسَ أَنْفَاسًا
تَرَاهُ فِي الصَّحَارِي لِ ... جَلَالِ اللَّهِ لَمَّاسًا
وَلَوْ قِيلَ لَهُ فِي قَوْ ... مٍ مَهْ وَاسَى بِهِ وَاسٍ
غَدًا يَخْرُجُ مِنْ أَبْ ... يَضِ خَلْقِ اللَّهِ قِرْطَاسٌ
إِذَا مَا قِيلَ لِلْأَبْرَارِ ... قُومُوا فَاشْرَبُوا الْكَأْسَ
مَضَى يَخْتَرِقُ الْوَرْدَ ... إِلَى الْأَتْرَابِ وَالْآسِ
فَقَدْ صَارَتْ مَوَاثِيمُ ... مُحِبِّ اللَّهِ أَعْرَاسًا"
-[38]-

25 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَبْلُغَ مَرَاتِبَ الْغُرَبَاءِ فَلْيَصْبِرْ عَلَى جَفَاءِ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَقَرَابَتِهِ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ يَجْفُونِي وَأَنَا لَهُمْ حَبِيبٌ وَغَمَّهُمْ لِفَقْدِي إِيَّاهُمْ إِيَّايَ شَدِيدٌ , قِيلَ: لِأَنَّكَ خَالَفْتَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّهِمُ الدُّنْيَا وَشِدَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَيْهَا , وَلِتَمَكُّنِ الشَّهَوَاتِ مِنْ قُلُوبِهِمْ , مَا يُبَالُونَ مَا نَقَصَ مِنْ دِينِكِ وَدِينِهِمْ إِذَا سَلِمَتْ لَهُمْ بِكَ دُنْيَاهُمْ , فَإِنْ تَابَعْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ كُنْتَ الْحَبِيبَ الْقَرِيبَ , وَإِنْ خَالَفْتَهُمْ وَسَلَكْتَ طَرِيقَ أَهْلِ الْآخِرَةِ بِاسْتِعْمَالِكَ الْحَقَّ جَفَا عَلَيْهِمْ أَمْرُكَ , فَالْأَبَوَانِ مُتَبَرِّمَانِ بِفِعَالِكَ , وَالزَّوْجَةُ بِكَ مُتَضَجِّرَةٌ فَهِيَ تُحِبُّ فِرَاقَكَ وَالْأَخَوَانِ وَالْقَرَابَةُ فَقَدْ زَهِدُوا فِي لِقَائِكَ , فَأَنْتَ بَيْنَهُمْ مَكْرُوبٌ مَحْزُونٌ , فَحِينَئِذٍ نَظَرْتَ إِلَى نَفْسِكَ بِعَيْنِ الْغُرْبَةِ , فَآنَسْتَ مَا شَاكَلَكَ مِنَ الْغُرَبَاءِ وَاسْتَوْحَشْتَ مِنَ الْإِخْوَانِ وَالْأَقْرِبَاءِ فَسَلَكْتَ الطَّرِيقَ إِلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ وَحْدَكَ فَإِنْ صَبَرْتَ عَلَى خُشُونَةِ الطَّرِيقِ أَيَّامًا يَسِيرَةً وَاحْتَمَلْتَ الذُّلَّ وَالْمُدَارَاةَ مُدَّةً قَصِيرَةً وَزَهِدْتَ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْحَقِيرَةِ أَعْقَبَكَ الصَّبْرُ أَنْ وَرَدَ بِكَ إِلَى دَارِ الْعَافِيَةِ , أَرْضُهَا طَيِّبَةٌ وَرِيَاضُهَا خَضِرَةٌ وَأَشْجَارُهَا مُثْمِرَةٌ وَأَنْهَارُهَا عَذْبَةٌ , فِيهَا مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ , وَأَهْلُهَا فِيهَا مُخَلَّدُونَ , {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ. خِتَامُهُ -[39]- مِسْكٌ. وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ. وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ. عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 26] , {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الواقعة: 18]

اسم الکتاب : الغرباء المؤلف : الآجري    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست