responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرقة والبكاء المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 71
طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ السِّبَاعِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْهَوَامِّ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْوُحُوشِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الرُّهْبَانِ وَالْعَذَارَى الْمُتَعَبِّدَاتِ، ثُمَّ يَأْخُذُ فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ، وَيَأْخُذُ فِي النِّيَاحَةِ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَتَمُوتُ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلاءِ، وَطَائِفَةُ مِنْ هَؤُلاءِ، وَمِنْ كُلِّ صِنْفٍ طَائِفَةٌ، فَإِذَا رَأَى سُلَيْمَانُ مَا قَدْ كَثُرَ مِنَ الْمَوْتِ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ، نَادَى: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ فَرَّقْتَ الْمُسْتَمِعِينَ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَمَاتَتْ طَوَائِفُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَنِ الْوُحُوشِ، وَالْهَوَامِّ، وَالسِّبَاعِ وَالرُّهْبَانِ.
قَالَ: فَيَقْطَعُ النِّيَاحَةَ وَيَأْخُذُ فِي الدُّعَاءِ.
قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ نَادَاهُ عُبَّادُ بَنِي إِسْرَائِيلَ: يَا دَاوُدُ عَجِلْتَ بِطَلَبِ الْجَزَاءِ عَلَى رَبِّكَ.
قَالَ: فَخَرَّ دَاوُدُ عِنْدَ ذَلِكَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.
قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ وَمَا أَصَابَهُ، أَتَى بِسَرِيرٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا: مَنْ كَانَ لَهُ مَعَ دَاوُدَ حَمِيمٌ أَوْ قَرِيبٌ، فَلْيَأْتِ بِسَرِيرٍ فَلْيَحْمِلْهُ، فَإِنَّ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ دَاوُدَ قَدْ قَتَلَهُمْ ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتَأْتِي بِالسَّرِيرِ، فَتَقِفُ عَلَى أَبِيهَا وَهُوَ مَيِّتٌ، فَتُنَادِي: وَا أَبَتَاهُ مَنْ قَتَلَهُ ذِكْرُ النَّارِ، وَا أَبَتَاهُ مَنْ قَتَلَهُ ذِكْرُ الْجَنَّةِ، وَا أَبَتَاهُ مَنْ قَتَلَهُ ذِكْرُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ: حَتَّى إِنَّ الْوُحُوشَ لَتَجْتَمِعُ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَتَحْمِلُهُ، وَالسِّبَاعُ وَالْهَوَامُّ كَذَلِكَ.
قَالَ: وَيَتَفَرَّقُونَ، فَإِذَا أَفَاقَ دَاوُدُ مِنْ غَشْيَتِهِ نَادَى: يَا سُلَيْمَانُ مَا فَعَلَتْ عُبَّادُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فُلانٌ وَفُلانٌ؟ فَيَعُدُّ نَفَرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَقُولُ سُلَيْمَانُ: مُوِّتُوا عَنْ آخِرِهِمْ، فَيَقُومُ دَاوُدُ فَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَ عِبَادَتِهِ، وَيُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ , ثُمَّ يُنَادِي: أَعَصْيَانٌ أَنْتَ عَلَى دَاوُدَ إِلَه دَاوُدَ؟ أَمْ كَيْفَ قَصَّرْتَ بِهِ أَنْ يَمُوتَ؟ خَوْفًا مِنْكَ؟ أَوْ فَرَقًا مِنْ نَارِكَ؟ أَوْ شَوْقًا إِلَى جَنَّتِكَ وَلِقَائِكَ؟ إِلَهَ دَاوُدَ، إِلَهَ دَاوُدَ، فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ سَبْعًا يُنَادِي:

اسم الکتاب : الرقة والبكاء المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست