اسم الکتاب : الدرة الثمينة في أخبار المدينة المؤلف : ابن النجار، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 36
له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي)) ، فقال له أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟ قال: ((نعم)) ، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده الخبط أربعة أشهر.
قالت عائشة رضي الله عنها: بينما نحن يوماً جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، فقال قائل لأبي بكر رضي الله عنه: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً متقنعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها، قال أبو بكر رضي الله عنه: فداً له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمرٌ.
قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له، فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أخرج من عندك، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إنما هم أهلك –بأبي أنت يا رسول الله- قال: فإني قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر رضي الله عنه: فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((نعم) ، قال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، خذ إحدى راحلتي هاتين، قال رسول الله: ((بالثمن)) .
قالت عائشة رضي الله عنها: فجهزناهما أحث الجهاز، ووضعنا لهما سفرةً في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعةً من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لها به نطاقين في الجنة)) ، فبذلك سميت ((ذات النطاقين)) .
قالت: ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بغارٍ في جبل ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب لقنٌ ثقفٌ، فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريشٍ بمكة كبائتٍ، فلا يسمع أمراً يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحةً من لبن، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل حتى ينعق بها عامر بغلسٍ. يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث.
واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الدئل هادياً ماهراً بالهداية –وهو على دين كفار قريش- فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن
اسم الکتاب : الدرة الثمينة في أخبار المدينة المؤلف : ابن النجار، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 36