اسم الکتاب : الدرة الثمينة في أخبار المدينة المؤلف : ابن النجار، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 135
فنظرت في وجهه فإذا بصره قد شخص، وهو يقول: ((بل الرفيق الأعلى في الجنة)) وقبض صلى الله عليه وسلم.
قالت: فوضعت رأسه على وسادتي، وقمت التدم مع النساء أضرب وجهي.
وقالت فاطمة رضي الله عنها تندبه صلى الله عليه وسلم: يا أبتاه؛ أجاب رباً دعاه، يا أبتاه؛ في جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه؛ إلى جبريل ننعاه.
وقال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم عند موته: يا أحمد هذا آخر وطئي في الأرض ولا أنزل إليها أبداً بعد، إنما كنت حاجتي من الدنيا.
وكانت وفاته صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول، سنة إحدى عشرة مضت من الهجرة على ثلاث وستين سنة من عمره، وكمل بالمدينة من يوم دخلها إلى يوم مات عشر سنين كوامل مبلغاً لرسالات الله مجاهداً لأعدائه.
ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإن رسول الله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى، فإنه غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات!
قالوا: وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها، فيمم رسول الله وهو مسجى بثوب حبرةٍ، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي وأمي أنت، والله لا يجمع الله عليك موتتين: أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ثم لن يصيبك بعدها موتة أبداً. ثم رد البرد على وجهه، وخرج وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يكلم الناس، فقال: على رسلك يا عمر أنصت، فأبى إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر
اسم الکتاب : الدرة الثمينة في أخبار المدينة المؤلف : ابن النجار، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 135