responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 81
وَإِنْ يَكُ رَيْبُ الدَّهْرِ أَرْدَى ابْنَ خَالِدٍ ... وَكَانَ مُعِمًّا فِي الْكِرَامِ وَمُخْوِلا
فَرُبَّ يِدٍ بَيْضَاءَ أَسْدَى ابْنُ خَالِدٍ ... إِلَيَّ وَنَابٍ قَدْ تَعَدَّاهُ أَعْصَلا
حِفَاظًا وَإِكْرَامًا فَأَوْدَتْ بِلُبِّهِ ... مُهَفْهَفَةُ الْكُشْحَيْنِ تَرْمِي الْمُقَتَّلا
فَغَيَّرَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ خَالِدٍ ... هَوًى غَالِبٌ أَعْيَا الرِّجَالَ وَعَيَّلا
قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ قُلْتَ هَذِهِ الَأْبَيَاتَ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ وَلا أَكْذِبُكَ.
كُنْتُ وَحُصَيْنُ بْنُ خَالِدِ ابْنِ عَمِّي دَنِيَّةَ لا يَجْرِي الْمَاءُ بَيْنَنَا صَفَاءً، وَلِي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّهَا، وَقَدْ سُمِّيتُ لَهَا، وَسُمِّيَتْ لِي، فَلَبِثْتُ أَنْتَظِرُ أَنْ أُصِيبَ لَهْوَةً مِنْ مَالٍ فَأَتَزَوَّجُهَا وَأَبْنِي بِهَا.
فَأَقْبَلَ الْحُصَيْنُ عَلَى أُمِّهَا فَخَدَعَهَا وَعَطَفَ لُبَّهَا عَنِّي.
حَتَّى غَلَبَتْ زَوْجَهَا فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَبْتَنِي بِهَا، قَعَدْتُ لَهُ فَرَمَيْتُهُ بِسَهْمٍ.
فَوَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَصَابَهُ، وَهَوَى فِيهِ كَأَنَّهُ مَاتَ مُنْذُ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأُخِذْتُ فَحُبِسْتُ.
فَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ الْعَامِلُ لِي فِي أَمْرِي وَالْمُسْتَخْرِجُ لِي مِنَ الْبَلِيَّةِ الَّتِي وَقَعْتُ فِيهَا.
وَيَعْلَمُ الرَّبُّ عِلْمًا صَادِقًا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَذْعُرَهُ، وَلَمْ أَرِدْ قَتْلَهُ.
فَمَضَى الْقَدَرُ السَّابِقُ وَأَعْزَزَ عَلَيَّ بِمَصْرَعِهِ.
وَاللَّهِ إِنْ كَانَ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ، لَوَسِيمًا، جَمِيلا نَبِيلا، وَإِنِّي لَعَلَى خِلافِهِ، وَإِنَّ عُذْرَ ابْنَةِ عَمِّي فِي اخْتِيَارِهَا إِيَّاهُ عَلَيَّ لَبَيِّنٌ وَاضِحٌ.
أَنَا كَمَا قَدْ تَرَى، وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ عَنِ ابْنِ عَمِّي مَا سَمِعْتَ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَتَبَسَّمْتُ.
قَالَ: الْحَقُّ وَاللَّهِ قُلْتُ.
فَإِنْ شِئْتَ فَاضْحَكْ، وَإِنْ شِئْتَ فَاكْفُفْ، فَإِنَّ اللَّهَ صَادِقٌ يُحِبُّ الصِّدْقَ وَأَهْلَهُ، وَيُبْغِضُ الْكَذِبَ وَأَهْلَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ اللَّبِيبَ أَعْلَمُ بِعَيْبِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنِّي وَاللَّهِ وَإِنْ أَقْحَمَتْنِي عَيْنُكَ، وَنبَتَ عَنِّي كَمَا قَالَ الأَوَّلُ.
هَلْ تَدْرِي مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: لَمْ أَسْمَعْ شَيْئًا.
قَالَ: عَجِلْتُ، وَمِنْ عَجَلَةٍ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولا.
قُلْتُ: هَاتِ.
قَالَ:
أَغَرَّكُمُ أَنِّي بِمَعْرُوفِ شِيمَتِي ... رَفَيقٌ وَأَنِّي بِالْفَوَاحِشَ أَخْرَقُ
وَمِثْلِي إِذَا لَمْ يُجْزَ أَحْسَنَ سَعْيِهُ ... تَكَلَّمُ نِعْمَاهُ بِفِيهَا فَيَنْطِقُ
قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: حَاجِبُ بْنُ زَرَارَةَ.
قَالَ: قُلْتُ: الدَّارِمِيُّ، قَالَ: فَقَالَ: تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ أَنَّ بِحَاجِبٍ لَغِنًى عَنْ دَارَمٍ.
وَاللَّهِ إِنَّهَا مِنْكَ لَهَفْوَةٌ حِينَ جَهِلْتَهُ حَتَّى تَنْسِبَهُ إِلَى دَارَمٍ أَكَذَاكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: الصِّدْقُ خَيرٌ عَاقِبَةً.
ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِيثُنَا، وَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَأَعْوَزَنَا الْإِذْنُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَمَكَثْنَا لَيَالِيَ ثُمَّ مَرَّ أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ.
فَقَالَ أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ: أَهَلا وَمَرْحَبًا بِامْرِئٍ ظَهَرَ لَنَا جَفَاؤُهُ، وَقَلَّ وَفَاؤُهُ.
قَالَ: هِيهِ، الْآنَ هُوَ سُلْطَانٌ.
وَلا نَصَفَةَ لِي مِنْهُ.
فَدَخَلَ، فَلا أَظُنُّهُ وَصَلَ حَتَّى قِيلَ: الضَّحَّاكُ بْنُ عُمَارَةَ الْعَدَوِيُّ، فَقُلْتُ: لا تَنْسَ أَخَاكَ.
قَالَ: إِنِّي كَمَا قَالَ الأَوَّلُ الْقَبِيحُ الشَّحِيحُ الْقَلِيحُ.

اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست