responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 46
قَالَ: أَوَ مَا رَأْيتَ خَاتَمَهُ فِي أُصْبُعِهِ الْيُمْنَى؟ قُلْتُ: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]
حَدَّثَنِي مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " خَلا أَبُو جَعْفَرٍ يَوْمًا مَعَ يَزِيدَ بْنِ أُسَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا يَزِيدُ مَا تَرَى فِي قَتْلِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ فَقَالَ: أَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِدَمِهِ، فَوَاللَّهِ لا يَصْفُو مُلْكُكَ وَلا تَهْنَأُ بِعَيْشٍ مَا بَقِيَ.
قَالَ يَزِيدُ: فَنَفَرَ مِنِّي نَفْرَةً ظَنَنْتُهُ سَيَأْتِي عَلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ: قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَكَ، وَأَشْمَتَ بِكَ عَدُوُّكَ، أَتُشِيرُ عَلَيَّ بِقَتْلِ أَنْصَحِ النَّاسِ لَنَا، وَأَثْقَلِهِ عَلَى عَدُوِّنَا.
أَمَّا وَاللَّهِ لَوْلا حِفْظِي مَا سَلَفَ مِنْكَ، وَإِنِّي أَعُدُّهَا هَفْوَةً مِنْ رَأْيِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، قُمْ لا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَيْكَ، قَالَ يَزِيدُ: فَقُمْتُ وَقَدْ أَظْلَمَ بَصَرِي، وَتَمَنَّيْتُ أَنْ تَسِيخَ الأَرضُ بِي.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ قَتْلِهِ إِيَّاهُ بِدَهْرٍ.
قَالَ لِي: يَا يَزِيدُ تَذْكُرُ يَوْمَ شَاوَرْتُكَ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَمَا رَأْيتُنِي قَطُّ أَقْرَبَ إِلَى الْمَوْتِ مِنِّي يَوْمَئِذٍ.
قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَانَ ذَلِكَ رَأْيِي، وَمَا لا أَشُكُّ فِيهِ، وَلَكِنَّنِي خَشِيتُ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ فَتُفْسِدَ عَلَيَّ مَكِيدَتِي
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْمَخْلُوعُ جِيءَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمَأْمُونِ بَعْدَ وُرُودِ الْكِتَابِ بِسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَقَامَ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ بِالْجُونَةِ، وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَأْمُونِ فَقَالَ: فُضَّ الْخَاتَمَ.
فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَفْضَيْتُ إِلَى الْخَاتَمِ عَلَى مِنْدِيلٍ مُخَمَّلٍ فِيهِ الرَّأْسُ، فَفَضَضْتُ الْخَاتَمَ، وَإِذَا عَلَى وَجْهِهِ قُطْنٌ، فَلَمَّا رَآهُ الْمَأْمُونُ نَظَرَ إِلَيْهِ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ، وَكَلَّحَ وَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا مَوْضِعُ شُكْرٍ، فَاحْمَدِ اللَّهَ الَّذِي أَرَاكَ بِهِ مَا كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ بِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ: فَأَمَرَنِي فَكَشَفْتُ عَنِ الرَّأْسِ، فَتَأَمَّلَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَنُصِبَ عَلَى قَنَاةٍ، وَوُضِعَ الْعَطَاءُ لِلْنَاسِ، فَكُلَّمَا أُعْطِيَ رَجُلٌ أُمِرَ أَنْ يَلْعَنَ الْمَخْلُوعَ، فَفَعَلَ، حَتَّى قِيلَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَجَمِ، وَقَدْ أَخَذَ عَطَاءَهُ: الْعَنِ الْمَخْلُوعَ.
قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْمَخْلُوعَ وَلُعِنْتَ، وَلُعِنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ وَلَدَهُ.
ثُمَّ أُمِرَ بِتَرْكِ لَعْنِ الْمَخْلُوعِ بَعْدَ ذَلِكَ
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُتْبِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي وَهُوَ يُوصِينِي: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَتْرُكُكَ مَعَ مَنْ لا يَتْرُكُكَ، فَأَكْحِلْ عُيُونَهُمْ بِحُسْنٍ مِنْكَ تَقْطَعْ أَلْسِنَتَهُمْ عَنْكَ، وَكُنْ لِنَفْسِكَ تَكُنْ لَكَ، وَخُذْ مِنْ كُلِّ زَمَانٍ مَحَاسِنَ مَا فِيهِ.
وَأَنْتَ قَلِيلٌ فَاتَّقِ تَكُنْ بِهِ كَثِيرًا، وَاعْلَمْ بَأَنَّكَ تَخْرُجُ بِمَوتِي مِنْ سَعَةِ عُذْرٍ إِلَى ضِيقِ مُدَارَاةٍ، فَضَعِ الأُمُورَ مَوَاضِعَهَا تَضَعْكَ مَوْضِعَكَ.

اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست