responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 38
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبِمَاذَا عَرَفْتَ أَنَّكَ تَأْتِي مَصْرَعَكَ؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَنَّ رَجُلا أَتَانِي، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِالشَّامِ فِي أَيَّامِ وَبَاءٍ بِهِا، وَقَدْ أَصَابَنِي، وَقَدْ تَخَوَّفْتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ لا تَمُوتُ فِي مَرَضِكَ هَذَا، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ أُرِيَكَ التُّرْبَةَ الَّتِي تُدْفَنُ فِيهَا.
فَقُلْتُ: أَرِنِيهَا.
فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ، وَفِيهَا نَبْذٌ مِنْ حَصًى، فَإِذَا هِيَ كَأَنَّهَا تُرْبَةُ الْحَرَمِ، فَلَسْتُ أَشُكُّ أَنِّي ذَاهِبٌ فِي سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَأَسْتَخْلِفُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ خِلافَتِهِ.
فَمَضَى فَتُوُفِّيَ فِي وَجْهِهِ ذَلِكَ فِي بِئْرِ مَيْمُونٍ وَدُفِنَ بِالأَبْطَحِ أَسْفَلَ مِنْ عَقَبَةِ الْمَدَنِيِّينَ
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَلِيسٌ لَأَبِي الْعَبَّاسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، " أَنَّهُ جَلَسَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُضَرَ، فِيهِمْ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ الْمِنْقَرِيُّ، وَأُنَاسٌ مِنَ الْيَمَنِ، فِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْرَمَةَ الْكِنْدِيُّ، فَمَالَ بِهِمُ الْحَدِيثُ إِلَى أَنْ قَالَ ابْنُ مَخْرَمَةَ الْكِنْدِيُّ: إِنَّ أَخْوَالَكَ هُمُ النَّاسُ، وَهُمُ الْعَرَبُ الأُولَى، وَهُمُ الَّذِينَ دَانَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا، وِكَانَتْ لَهَمُ الْيَدُ الْعُلْيَا، تَوَارَثُوا الرِّيَاسَةَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، وَآخِرًا عَنْ أَوَّلٍ، يَلْبَسُ آخِرُهُمْ سَرَابِيلَ أَوَّلِهِمْ، يُعْرَفُونَ بِبَيْتِ الْمَجْدِ، وَمَآثِرِ الْحَمْدِ.
مِنْهُمُ: النُّعْمَانَانِ، وَالْمُنْذِرَانِ، وَالْقَابُوسَانِ، وَمِنْهُمْ عِيَاضٌ صَاحِبُ الْبَحْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا، وَيَحُوزُ فِي كِلِّ نَائِبَةٍ نَهْبًا.
وَمِنْهُمْ مُلُوكُ التِّيجَانِ، وَكُمَاةُ الْفِرْسَانِ.
لَيْسَ مِنْ بَطَلٍ عَظِيمٍ خَطْبُهُ، وَلا طَرَفٍ كَرِيمٍ أَثَرُهُ، وَلا مِنْ فَرَسٍ رَائِعٍ، أَوْ سَيفٍ قَاطِعٍ، أَوْ دُرَّةٍ مَكْنُونَةٍ، أَوْ دِرْعٍ حَصِينَةٍ إِلا وَهُمْ أَرْبَابُهَا وَأَصْحَابُهَا.
إِنْ حَلَّ ضَيفٌ أَكْرَمُوا، وَإِنْ سُئِلُوا أَنْعَمُوا، فَمَنْ ذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَهُمْ إِنْ عُدَّتِ الْمَآثِرُ، أَوْ فَخَرَ مُفَاخِرٌ، أَوْ نَفَرَ مُنَافِرٌ.
فَهَمَّ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ، وَسَائِرُ النَّاسِ الْمُتَعَرِّبَةُ.
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَدَخَلَهُ مِنْ قَوْلِهِ مَا غَمَّهُ: مَا أَظُنُ خَالِدًا يَرْضَى بِمَا تَقُولُ.
فَقَالَ ابْنُ مَخْرَمَةَ: وَهَلْ يَقْدِرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَرُدَّ قَوْلِي، أَوْ يَفْخَرَ مِثْلَ مَفَاخِرِي.
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: مَا تَقُولُ يَا خَالِدُ؟ قَالَ: إِنْ أَذِنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمِنْتُ الْمَوْجِدَةَ تَكَلَّمْتُ.
فَقَالَ: تَكَلَّمْ وَلا تَهَبْ أَحَدًا.
فَقَالَ خَالِدٌ: خَابَ الْمُتَكَلِّمُ، وَأَخْطَأَ الْمُتَقَحِّمُ، وَلَقَدْ قَالَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَنَطَقَ بِغَيْرِ صَوَابٍ.
إِذْ فَخَرَ عَلَى مُضَرَ، وَمِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَالْخُلَفَاءُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ، أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِلا دَابِغُ جِلْدٍ، أَوْ سَائِسُ قِرْدٍ، أَوْ حَائِكُ بُرْدٍ.

اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست