responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 217
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، قَالَ: حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي بَعْضِ الأَعْوَامِ، فَأَمَرَ النَّاسَ بَالْعَطَاءِ، فَخَرَجَتْ بَدْرَةٌ مَكْتُوبُ عَلَيْهَا، مِنَ الصَّدَقَةِ، فَأَبَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ قُبُولِهَا، وَقَالُوا: أَفَمَا كَانَ إِعْطَاؤُنَا مِنَ الْفَيْءِ؟ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مِثْلُنَا وِمِثْلُكُمْ، إِنَّ أَخَوَيْنِ خَرَجَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُسَافِرَيْنِ، فَنَزَلا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ تَحْتَ صَفًا، فَلَمَّا دَنَا الرَّوَاحُ، خَرَجَتْ إِلَيْهِمَا مِنْ تَحْتِ الصَّفَا حَيَّةٌ تَحْمِلُ دِينَارًا، فَأَلْقَتْهُ إِلَيْهِمَا، فَقَالا: إِنَّ هَذَا لِمِنْ كَنْزٍ، فَأَقَامَا عَلَيْهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، كُلَّ يَوْمٍ تَخْرُجُ إِلَيْهِمَا بِدِينَارٍ.
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِلَى مَتَى نَنْتَظِرُ هَذِهِ الْحَيَّةَ؟ أَلا نَقْتُلُهَا فَنَحْفُرُ هَذَا الْكَنْزَ فَنَأَخْذُهُ؟ فَنَهَاهُ أَخُوهُ، وَقَالَ لَهُ: مَا تَدْرِي لَعَلَّكَ تَعْطِبُ وَلا تُدْرِكُ الْمَالَ.
فَأَبَى عَلَيْهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا مَعَهُ وَرَصَدَ الْحَيَّةَ حَتَّى خَرَجَتْ، فَضَرَبَهَا ضَرْبَةً جَرَحَتْ رَأْسَهَا وَلَمْ يَقْتُلْهَا.
فَثَارَتِ الْحَيَّةُ فَقَتَلَتْهُ، وَرَجَعَتْ إِلَى جُحْرِهَا، فَقَامَ أَخُوهُ فَدَفَنَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَتِ الْحَيَّةُ مَعْصُوبًا رَأْسهَا، لَيْسَ مَعَهَا شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا: يَا هَذِهِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا رَضِيتُ مَا أَصَابَكَ، وَلَقَدْ نَهَيْتُ أَخِي عَنْ ذَلِكَ، فَهَلْ لَكِ أنْ نَجْعَلَ اللَّهَ بَيْنَنَا، لا تَضُرِّينِي وَلا أَضُرُّكِ، وَتَرْجِعِينَ إِلَى مَا كُنْتِ عَلَيْهِ؟ قَالَتِ الْحَيَّةُ لا.
قَالَ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ نَفْسَكَ لا تَطِيبُ أَبَدًا، وَأَنْتَ تَرَى قَبْرَ أَخِيكَ، وَنَفْسِي لا تَطِيبُ لَكَ أَبَدًا، وَأَنَا أَذْكُرُ هَذِهِ الشَّجَّةَ، وَأَنْشَدَهُمْ شِعْرًا لِلنَّابِغَةِ:
فَقَالَتْ أَرَى قَبْرًا تَرَاهُ مُقَابِلِي ... وَضَرْبَةَ فَأْسٍ فَوْقَ رَأْسِي فَاغِرَهْ
فَيَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَلِيَكُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ فَظًّا غَلِيظًا مُضَيِّقًا عَلَيْكُمْ، فَسَمِعْتُمْ لَهُ وَأَطَعْتُمْ، ثُمَّ وَلِيَكُمْ عُثْمَانُ، فَكَانَ سَهْلا لَيِّنًا كَرِيمًا، فَعَدَوْتُمْ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُمُوهُ، وَبَعَثَنَا عَلَيْكُمْ مُسْلِمًا يَوْمَ الْحَرَّةِ فَقَتَلْتُمُوهُ.
فَنَحْنُ أَعْلَمُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنَّكُمْلا تُحِبُّونَنَا أَبَدًا، وَأَنْتُمْ تَذْكُرُونَ يَوْمَ الْحرَّةِ، وَنَحْنُ لا نُحِبُّكُمْ أَبَدًا، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَقْتَلَ عُثْمَانَ
ورَوَاهُ جَمِيعُ النَّاسِ مِمَّنْ عُنِيَ بِنَقْلِ الآثَارِ وَالسِّيَرِ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَرْبَعُ خِصَالٍ كُنَّ فِي مُعَاوِيَةَ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَكَانَتْ مُوبِقَةً: انْتِزَاؤُهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ بِالسُّفَهَاءِ حَتَّى ابْتَزَّهَا أَمْرَهَا بِغَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْهُمْ، وَفِيهِمْ بَقَايَا الصَّحَابَةِ وَذَوُو الْفَضِيلَةِ.
وَاسْتِخْلافُهُ بَعْدَهُ ابْنَهُ يَزِيدَ، سِكِّيرًا خِمِّيرًا، يَلْبَسُ الْحَرِيرَ، وَيَضْرِبُ بِالطَّنَابِيرِ.

اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست