responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 192
قَالَ: فَلَمَّا رَأَى الْوَلِيدُ ابْنَ أَخِيهِ مَعَ يَزْيدَ فِي سِلْسِلَةٍ، قَالَ: لَقَدْ بَلَغْنَا مَبْلَغًا شَاقًّا، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نَفْسِي فِدَاؤُكَ، لا تُخْفِرْ ذِمَّةَ أَخِيكَ، فَإِنَّكَ أَحَقُّ مَنْ مَنَعِهَا، وَلا تَقْطَعْ رَجَاءَ مَنْ رَجَا السَّلامَةَ فِي جِوَارِهِ لِمَكَانِهِ مِنْكَ، وَلا تُذِلَّ مَنْ أَمَّلَ الْعِزَّ فِي الِانْقِطَاعِ إِلَيْهِ بِعِزَّةٍ مِنْكَ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ سُلَيْمَانَ، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَوَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ لَوِ اسْتَجَارَ بِي عَدُوٌّ قَدْ نَابَذَكَ، وَجَاهَدَكَ، فَأَنْزَلْتُهُ، وَأَجَرْتُهُ، أَنَّكَ لا تُذِلُّ جَارِي، وَلا تُخْفِرُ جِوَارِي، عَلَى أَنِّي لَمْ أُجِرْ إِلا امْرَأً مُسْلِمًا، سَامِعًا مُطِيعًا، حَسَنَ الْبَلاءِ وَالأَثَرِ فِي الْإِسْلامِ، وَفِي طَاعَتِنَا، هُوَ وَأَبُوهُ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَقَدْ بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكَ، فَإِنْ كُنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا تَغْزُو قَطِيعَتِي، وإِلا خَفَارِ بِذَمَّتِي، وإِلَّا بَلاغِ فِي مَسَاءَتِي، فَقَدْ قَدَرْتَ إِنْ فَعَلْتَ، وَأَنَا أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مِنَ احْتِرَازِ قَطِيعَتِي، وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِي، وَتَرْكِ بِرِّي وَصِلَتِي، فَوَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَدْرِي مَا بَقَاؤُكَ وَلا بَقَائِي، وَلا مَتَى يُفَرِّقُ الْمَوْتُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أنْ لا يَأْتِيَ عَلَيْنَا أَجَلُ الْوَفَاةِ إِلا وَهُوَ لِي وَاصِلٌ، وَلِحَقِّي مُؤَدٍّ، وَلِقَرَابَتِي حَافِظٌ، وَعَنْ مَسَاءَتِي نَازِعٌ، فَلْيَفْعَلْ، فَوَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَصْبَحْتُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ أَسَرَّ مِنِّي بِرِضَاكَ وَسُرُورِكَ، وَإِنَّ رِضَاكَ مِمَّا أَلْتَمِسُ بِهِ رِضْوَانَ اللَّهِ، فَإِنْ كُنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تُرِيدُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ صِلَتِي وَمَبَرَّتِي وَإِعْظَامَ حَقِّي، فَتَجَاوَزْ لِي عَنْ يَزِيدَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَكُلُّ مَا طَالَبْتُمْ بِهِ فَهُوَ عَلَيَّ، وَالسَّلامُ.
فَلَمَّا قَرَأَ الْوَلِيدُ الْكِتَابَ، قَالَ: لَقَدْ شَقَقْنَا عَلَى أَبِي أَيُّوبَ.
ثُمَّ دَعَا أَيُّوبَ بْنَ سُلَيْمَانَ فَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَلاءَكُمْ عِنْدَنَا، أَهْلَ الْبَيْتِ، أَحْسَنُ الْبَلاءِ، فَمَنْ يَنْسَ ذَلِكَ فَلَسْنَا نَاسِيهِ، وَمَنْ يَكْفُرْهُ فَلَسْنَا كَافِرِيهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ بَلائِنَا، أَهْلَ الْبَيْتِ، فِي طَاعَتِكُمْ، وَالطَّعْنِ فِي أَعْدَائِكُمْ فِي الْمَوَاطِنِ الْعِظَامِ، وَفِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، مَا الْمِنَّةُ فِيهِ عَلَيْنَا عَظِيمَةٌ.
فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: اجْلِسْ، فَجَلَسَ، فَآمَنَهُ وَكَفَّ عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَرَدَّهُمْ إِلَى سُلَيْمَانَ.
وَكَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَصِلْ إِلَى يَزِيدَ وَإِخْوَتِهِ مَعَ سُلَيْمَانَ، فَلا تَعْرِضْ لَهُمْ، وَلا تُرَاجِعْنِي فِيهِمْ، وَالسَّلامُ

اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست