responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 18
ثُمَّ خَرَجَ، فَلَمَّا صَارَ بِالْبَابِ، قَالَ: رُدُّوهُ، فَرَجَعَ، فَقَالَ: قُلْ لِعَمْرِو بْنِ مَسْعَدَةَ: أَخِّرْ أَمْرَ أَبِي دُلْفٍ حَتَّى آمُرَكَ فِيهِ بِمَا أُرِيدُ، قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ خَرَجَ، فَلَمَّا صَارَ بِالْبَابِ، قَالَ: رُدُّوهُ، فَجَاءَ الرَّسُولُ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَتَنَاوَلَ الدَّوَاةَ مِنْ غُلامِهِ، وَقَالَ: السَّاعَةَ أَضْرِبُ وَجْهَكَ الْقَبِيحَ يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ، فَقَالَ الْغُلامُ: وَمَا ذَنْبِي أَبْقَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ: ذَاكَ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ قَدْ ذَهَبَ إِلَى النَّارِ.
فَرَجَعَ، فَقَالَ: ارْفَعْ غَدًا رُقْعَةَ الْهَاشِمِيِّينَ، قَالَ: نَعَمْ، وَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَرْجِعُ بَعْدَهَا حَتَّى أَسْتَطِيرَ.
قَالَ: امْضِ رَاشِدًا، وَلَهُ يَقُولُ دَعْبَلٌ:
أَوْلَى الأُمُورِ بِضَيْعَةٍ وَفَسَادٍ ... أَمْرٌ يُدَبِّرُهُ أَبُو عَبَّادٍ
خَرِقٌ عَلَى جُلَسَائِهِ بِدَوَاتِهِ ... فَمُرَمَّلٌ وَمَخَضَّبٌ بِمِدَادِ
وَكَأَنَّهُ مِنْ دِيرِ هِزْقَلَ مُفْلِتٌ ... حَرِدٌ يَجُرُّ سَلاسِلَ الأَقْيَادِ
فَاشْدُدْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَثَاقَهُ ... فَأَصَحُّ مِنْهُ بَغِيَّةَ الْحَدَّادِ
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُتْبِيُّ، قَالَ: حَجَجْنَا سَنَةً فَنَزَلْنَا ضَرِيَّةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَسَأَلْنَا عَنِ الْوَالِي، فَقِيلَ لَنَا: أَعْرَابِيٌّ عَمَّا قَلِيلٍ يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ.
فَلمَا زَالَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ عَلَيْنَا وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ كَأَنَّهَا رُحًا، مُتَنَكِّبًا قَوْسًا عَرَبِيَّةً، فَصَعِدَ عَلَى كَثِيبٍ لَهُ مِنْ رَمْلٍ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَنَا بِوَجْهِهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍ، وَالآخِرَةَ دَارُ مَقَرٍّ، فَخُذُوا لِمَقَرِّكُمْ مِنْ مَمَرِّكُمْ، وَلا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ، أَخْرِجِوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ، فَفِي الدُّنْيَا حَيِيتُمْ، وَلِلآخِرَةِ خُلِقْتُمْ، وَإِنَّمَا الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ السُّمِّ النَّاقِعِ، يَأْكُلُهُ مَنْ لا يَعْرِفُهُ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَالْمَدْعُو لَهُ الْخَلِيفَةُ، ثُمَّ الأَمِيرُ جَعْفَرٌ، قُومُوا لِصَلاتِكُمْ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ ".
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَرِيبٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ، وَكَانَ فِيهِ أَبُو البَخْتَرِيِّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الأَصَمِّ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَضَغَطَنِي الْبَوْلُ، فَلَمْ أَدْرِ كَيْفَ أَصْنَعُ.
فَالْتَفَتُّ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ الأَصَمِّ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي: بِي مِثْلُ الَّذِي بِكَ، قَالَ: فَإِنِّي لَكَذَلِكَ إِذْ بَصَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: يَا أَصْمَعِيُّ، قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أَبِكَ بَوْلٌ؟ قُلْتُ: أَيْ هَاءَ اللَّهِ.
قَالَ: يَا رَجُلُ، قُمْ مَعَهُ حَتَّى يَبُولَ، فَقُمْتُ فَبُلْتُ وَرَجَعْتُ، فَلَمَّا رَآنِي، قَالَ: يَا أَصْمَعِيُّ هَاتِ بَيْتًا أَنْظُرُ فِي مَعْنَاهُ، فَقُلْتُ:
فَلا غَرْوَ إِلا جَارَتِي وَسُؤَالَهَا ... أَلا هَلْ لَنَا أَهْلٌ سُئِلَتْ كَذَلِكَا
فَجَعَلَ يُفَكِّرُ فِيهِ، وَهَمَّ أَنْ يَقُولَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَعِدْ نَظَرًا، فَقَالَ: وَكَيْفَ عَلِمْتَ.
قُلْتُ: رَأَيْتُ نَاظِرَيْكَ يَجُولانِ، وَقَدِ اسْتَقَرَّا، كَانَ أَوْضَحَ لإِصَابَتِكَ، فَضَحِكَ حَتَّى انْثَنَى ثُمَّ قَالَ: فَأَصَابَ.

اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست