responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 136
تَرَى جُلُسَاءَهُ مُتَعَادِلِينَ، يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مُتَوَاضِعِينَ، يُوقِّرُونَ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ، وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ، وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ» .
قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ " دَائِمَ السُّرُورِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ، وَلا صَخَّابٍ وَلا فَحَّاشٍ وَلا عَيَّابٍ وَلا مَدَّاحٍ.
يَتَغَافَلُ عَمَّا لا يَشْتَهِي، وَلا يُؤْيَسُ مِنْهُ، وَلا يُجِيبُ فِيهِ.
قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ: الْمِرَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمَا لا يَعْنِيهِ، وَتَرْكَ النَّاسَ مِنْ ثَلاثٍ: كَانَ لا يَذُمُّ أَحَدًا وَلا يُعَيِّرُهُ، وَلا يَطْلُبُ عَثْرَتَهُ، وَلا يَتَكَلَّمُ إِلا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطرَقَ جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا.
وَلا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ، مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ، حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِيَّتِهِمْ.
يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونُ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ، وَيَقُولُ: إِذَا رِأَيْتُمْ طَالَبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْفِدُوهُ.
وَلا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا مِنْ مُكَافِئٍ، وَلا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَهُ فَيَقْطَعَهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ.
قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ؟ قَالَ: كَانَ سُكُوتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " عَلَى أَرْبَعٍ: الْحِلْمِ، وْالْحَذَرِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالتَّفْكِيرِ.
فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَتِهِ الْنَظَرَ بَيْنَ النَّاسِ، وَاسْتِمَاعِهِ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا تَفْكِيرُهُ، فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لا يَعْصِيهِ شَيْءٌ وَلا يَسْتَقِرُّهُ، وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعٍ: أَخْذِهِ بِالْحُسْنَى لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ ليُنْتَهَى عَنْهُ، وَاجْتَهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامَ فِيمَا جَمَعَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ "
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ: قَوْلُهُ: «كَانَ فَخْمًا مُفَخَّمًا» قَالَ: الْفَخَامَةُ فِي الْوَجْهِ وَهُوَ نُبْلُهُ وَامْتِلاؤُهُ مَعَ الْجَمَالِ وَالْمَهَابَةِ.
وَالْمَرْبُوعُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، وَالْمُشَذَّبُ: الْمُفْرِطُ فِي الطُّولِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ جَرِيرٌ:
أَلْوَى بِهَا شَذْبُ الْعُرُوقِ مُشُذَّبٌ ... فَكَأَنَّمَا وُكِنَتْ عَلَى طِرْبَالِ
وَقَوْلُهُ «رَجِلَ الشَّعْرِ» : فَالرَّجِلُ الَّذِي لَيْسَ بِالسَّبْطِ الَّذِي لا تَكَسُّرَ فِيهِ، وَالْقَطَطُ: الشَّدِيدَةُ الْجُعُودَةِ، يَقُولُ: فَهُوَ جَعْدٌ بَيْنَ هَذَيْنِ، وَالْعَقِيقَةُ: الشَّعْرُ الْمَعْقُوصُ، وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْمَضْفُورِ، وَمِنْهُ قَوَلُ عُمَرَ: مَنْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ أَوْ ضَفَّرَ فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ.
وَقَوْلُهُ «أَزَجَّ الْحَاجِبَيْنِ» : سَوَابِغَ، الزَّجَجُ فِي الْحَوَاجِبِ أَنِ يَكُونَ تَقَوُّسٌ مَعَ طُولٍ فِي أَطْرَافِهَا، وَهُوَ النُّبُوغُ فِيهَا، قَالَ جَمِيلٌ:
إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا ... وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ والْعِيُونَا
وَقَوْلُهُ: «فِي غَيْرِ قَرَنٍ» : الْقَرَنُ، الْتَقِاءُ الْحَاجِبَيْنِ حَتَّى يَتَّصِلا.

اسم الکتاب : الأخبار الموفقيات المؤلف : الزبير بن بكار    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست