قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلَا صَاحِبُ بَقَرٍ، وَلَا غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ، وَلَا عَضْبَاءُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْخَيْلُ؟ قَالَ: " الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ، فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ، أَوِ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ، إِلَّا كُتِبَ لَهُ، عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ، وَكُتِبَ لَهُ، عَدَدَ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَسَنَاتٌ، وَلَا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا، أَوْ شَرَفَيْنِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا وَأَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ، وَلَا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ، عَدَدَ مَا شَرِبَتْ، حَسَنَاتٍ "
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْحُمُرُ؟ قَالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ، إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ»: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8]
S [ ش (لا يؤدي منها حقها) قد جاء الحديث على وفق التنزيل والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله الآية فاكتفى ببيان صاحب الفضة عن بيان حال صاحب الذهب لأن الفضة مع كونها أقرب مرجع للضمير أكثر تداولا في المعاملات من الذهب ولذا اكتفى بها (صفحت له صفائح) الصفائح جمع صفيحة وهي العريضة من الحديد وغيره أي جعلت كنوزه الذهبية والفضية كأمثال الألواح (من نار) يعني كأنها نار لا أنها نار (كلما بردت) هكذا هو في بعض النسخ بردت بالباء وفي بعضها ردت وذكر القاضي الروايتين وقال الأولى هي الصواب قال والثانية رواية الجمهور (فيرى سبيله) ضبطناه بضم الياء وفتحها وبرفع لام سبيله ونصبها ويكون يرى بالضم من الإراءة وفيه إشارة إلى أنه مسلوب الاختيار يومئذ مقهور لا يقدر أن يذهب حتى يعين له أحد السبيلين (حلبها) هو بفتح اللام على اللغة المشهورة وحكى إسكانها وهو غريب ضعيف وإن كان هو القياس (بطح لها بقاع قرقر) بطح قال جماعة معناه ألقي على وجهه وقال القاضي ليس من شرط البطح كونه على الوجه وإنما هو في اللغة بمعنى البسط والمد فقد يكون على وجهه وقد يكون على ظهره ومنه سميت بطحاء مكة لانبساطها والقاع المستوي الواسع من الأرض يعلوه ماء السماء فيمسكه قال الهروي وجمعه قيعة وقيعان مثل جار وجيرة وجيران والقرقر المستوي أيضا من الأرض الواسع (كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها) هكذا هو في جميع الأصول في هذا الموضع قال القاضي عياض قالوا هو تغيير وتصحيف وصوابها ما جاء بعده في الحديث الآخر كلما رد عليه أولاها وبهذا ينتظم الكلام (ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء) قال أهل اللغة العقصاء ملتوية القرنين والجلحاء التي لا قرن لها والعضباء التي انكسر قرنها الداخل (تطؤه بأظلافها) الأظلاف جمع ظلف وهو للبقر والغنم بمنزلة الحافر للفرس (فأما التي هي له وزر) هكذا هو في أكثر النسخ التي ووقع في بعضها الذي وهو أوضح وأظهر (ونواء على أهل الإسلام) أي ماوأة ومعاداة (فرجل) أي فخيل رجل (ربطها في سبيل الله) أي أعدها للجهاد وأصله من الرباط وهو حبس الرجل نفسه في الثغر وإعداده الأهبة لذلك (في مرج وروضة) قال ابن الأثير المرج هو الأرض الواسعة ذات نبات كثير يمرج فيه الدواب أي تسرح والروضة أخص من المرعى (ولا تقطع طولها) أي حبلها الطويل الذي شد أحد طرفيه في يد الفرس والآخر في وتد أو غيره لتدور فيه وترعى من جوانبها ولا تذهب لوجهها قال النووي ويقال طيلها بالياء وكذا جاء في الموطأ (فاستنت شرفا أو شرفين) معنى استنت جرت وعدت والشرف هو العالي من الأرض وقيل المراد هنا طلقا أو طلقين وقال ابن الأثير الشرف هو الشوط (فالحمر) جمع حمار أي فما حكمها (ما أنزل علي في الحمر الخ) معنى الفاذة القليلة النظير والجامعة أي العامة المتناولة لكل خير ومعروف ومعنى الحديث لم ينزل علي فيها نص بعينها لكن نزلت هذه الآية العامة]
اسم الکتاب : صحيح مسلم المؤلف : مسلم الجزء : 2 صفحة : 680