responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شعب الإيمان المؤلف : البيهقي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 567
ورُوِّينَا، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَتْ: §فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: " عَلَى الصِّرَاطِ " " ثُمَّ قَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْكُفَّارَ لَا يُجَاوِزُونَ عَلَى الصِّرَاطِ لِأَنَّهُمْ فِي مَعْدِنِ النَّارِ، فَإِذْ خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ وَخَلصُوا عَلَى الصِّرَاطِ انْفَرَدَ الْكُفَّارُ بِمَوَاقِفِهِمْ، وَصَارَ مَوَاقِفُهُمْ مِنَ النَّارِ قَالَ غَيْرُهُمْ: إِنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الصِّرَاطَ، ثُمَّ قَدْ تَكُونُ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ فُرُوجًا فِي الْجسرِ كَأَبْوَابِ السُّطُوحِ فَهُمْ يُقْذَفُونَ مِنْهَا فِي جَهَنَّمَ لِيَكُونَ غَمُّهُمْ أَشَدَّ وَأَفْظَعَ، -[568]- وَإِلْقَاؤُهُمْ مِنَ الْجِسْرِ أَخْوَفُ وَأَهْوَلُ، وَفَرَحُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْخَلَاصِ أَكْثَرُ وَأعْظَمُ، وَلَعَلَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: 59] يَكُونُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} [الملك: 8]، وَقَوْلِهِ: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: 24] كَالدَّلِيلِ عَلَى هَذَا لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ فِي الشَّيْءِ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الطَّرْحِ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِكَيْفِيَّةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الْجِسْرَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِيَمْشُوا فِي نُورِهِمْ فَيُظْلِمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَيَقُولُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13] فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قُسِمَ فِيهِ النُّورُ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِمْ، وَأَعْمَالِهِمْ فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُوَرٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ، أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ نُصَلِّي بِصَلَاتِكُمْ، وَنَغْزُو مَغَازِيَكُمْ قَالُوا: بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَيُحْتَمَلُ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا السُّوَرَ إِنَّمَا يُضْرَبُ عِنْدَ انْتِهَاءِ الصِّرَاطِ، وَيُتْرَكُ لَهُ بَابٌ يَخْلُصُ مِنْهُ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ فَذَلِكَ هُوَ الرَّحْمَةُ الَّتِي فِي بَاطِنِهِ. وَأَمَّا ظَاهِرَهُ فَإِنَّهُ يَلِي النَّارَ، وَإِنْ كَانَتِ النَّارَ سَافِلَةً عَنْهُ لَا مُحَاذِيَةً إِيَّاهُ، فإذا لَمْ يَجِدِ الْمُنَافِقُونَ إِلَى بَاطِنِ السُّوَرِ سَبِيلًا فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ يُقْذَفُوا مِنْ أَعْلَى الصِّرَاطِ -[569]- فيَهْوُونَ منه إِلَى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ هَذَا بِاسْتِهْزَائِهِمْ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَمَا شَرَحْنَا فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ "

اسم الکتاب : شعب الإيمان المؤلف : البيهقي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 567
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست