responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء المؤلف : الأصبهاني، أبو نعيم    الجزء : 1  صفحة : 331
اسْتَزْلَلْتَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَسَنَنْتَ هَذَا الْأَمْرَ، وَإِنَّمَا أَنْتَ ثَعْلَبٌ رَوَّاغٌ لَا تَخْرُجُ مِنْ جُحْرٍ إِلَّا دَخَلْتَ فِي آخَرَ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: «§لَيْسَ بِي شِقَاقٌ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ أَنْ أُبَايِعَ رَجُلَيْنِ، أَيُّكُمَا أُطِيعُ بَعْدَ أَنْ أُعْطِيَكُمَا الْعُهُوَدَ وَالْمَوَاثِيقَ؟ فَإِنْ كُنْتَ مَلَلْتَ الْإِمَارَةَ فَبَايِعْ لِيَزِيدَ، فَنَحْنُ نُبَايِعُهُ مَعَكَ» فَقَامَ مُعَاوِيَةُ حِينَ أَبَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ حَدِيثَ النَّاسِ ذَاتُ غَوْرٍ، وَقَدْ كَانَ بَلَغَنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ أَحَادِيثَ وَجَدْتُهَا كَذِبًا، وَقَدْ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا وَدَخَلُوا فِي صُلْحِ مَا دَخَلَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ "

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثَنَا الْحَوْطِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَا: ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ بِسِلْسِلَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَقَيْدَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ بِاللهِ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ، فَأَلْقَى عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْكِتَابَ وَقَالَ: «
[البحر البسيط]
§وَلَا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرُ»

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيُّ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ تَثَاقَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ طَاعَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَأَشْهَرَ شَتْمَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَأَقْسَمَ لَا يُؤْتَى بِهِ إِلَّا مَغْلُولًا، وَإِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقِيلَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَلَا نَصْنَعُ لَكَ غُلًّا مِنْ فِضَّةٍ تَلْبَسُ عَلَيْهِ الثَّوْبَ وَتَبَرُّ قَسَمَهُ، فَالصُّلْحُ أَجْمَلُ بِكَ؟ قَالَ: لَا أَبَرَّ اللهُ قَسَمَهُ، ثُمَّ قَالَ: "
[البحر البسيط]
وَلَا أَلِينُ لِغَيْرِ اللهِ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرُ
ثُمَّ قَالَ: " وَاللهِ §لَضَرْبَةٌ بِسَيْفٍ فِي عِزٍّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَوْطٍ فِي ذُلٍّ، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَأَظْهَرَ الْخِلَافَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَزِيدُ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ الْكِنْدِيَّ، وَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ بَرْذَعَةَ الْحِمَارِ، احْذَرْ خَدَائِعَ قُرَيْشٍ، وَلَا تُعَامِلْهُمْ إِلَّا بِالثِّقَافِ ثُمَّ الْقِطَافِ، فَوَرَدَ حُصَيْنٌ مَكَّةَ فَقَاتَلَ بِهَا ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَحْرَقَ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ فَهَرَبَ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ دَعَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ -[332]- مَاتَ مَرْوَانُ فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى نَفْسِهِ، فَعَقَدَ لِلْحَجَّاجِ فِي جَيْشٍ إِلَى مَكَّةَ، فَوَرَدَ مَكَّةَ وَظَهَرَ عَلَى ابْنِ قُبَيْسٍ وَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمَنْجَنِيقَ يَرْمِي بِهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ مِائَةِ سَنَةٍ، لَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَلَمْ يَفْسَدْ لَهَا بَصَرٌ، فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللهِ مَا فَعَلْتَ فِي حَرْبِكَ؟ قَالَ: بَلَغُوا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَضَحِكَ وَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا بُنَيَّ، لَعَلَّكَ تَتَمَنَّاهُ لِي، مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَتَّى آتِي عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ إِمَّا أَنْ تَمْلِكَ فَتَقَرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي، وَإِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ، ثُمَّ وَدَعَهَا فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ أَنْ تُعْطِي خَصْلَةً مِنْ دِينِكَ مَخَافَةَ الْقَتْلِ، وَخَرَجَ عَنْهَا فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تُكَلِّمُهُمْ فِي الصُّلْحِ؟ فَقَالَ: أَوَحِينُ صُلْحٍ هَذَا؟ وَاللهِ لَوْ وَجَدُوكُمْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لَذَبَحُوكُمْ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
وَلَسْتُ بِمُبْتَاعِ الْحَيَاةِ بِذِلَّةٍ ... وَلَا مُرْتَقٍ مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ سُلَّمَا
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى آلِ الزُّبَيْرِ يَعِظُهُمْ وَيَقُولُ: لِيَكُنْ أَحَدُكُمْ سَيْفُهُ كَمَا يَكُنْ وَجْهُهُ، وَلَا يَنْكَسِرُ سَيْفُهُ فَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ امْرَأَةٌ، وَاللهِ مَا لَقِيتُ زَحْفًا قَطُّ إِلَّا فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ، وَمَا أَلِمْتُ جُرْحًا قَطُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَلَمُ الدَّوَاءِ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ وَمَعَهُ سَيْفَانِ، فَأَوَّلُ مَنْ لَقِيَهُ الْأَسْوَدُ فَضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ حَتَّى أَطَنَّ رِجْلَهُ، فَقَالَ الْأَسْوَدُ: أَخْ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: اخْسَأْ يَا ابْنَ حَامٍ، أَسْمَاءُ زَانِيَةٌ ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ فَمَا زَالَ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَقُولُ: لَوْ كَانَ قَرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ، قَالَ: وَعَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَعْوَانِهِ مَنْ يَرْمِي عَدُوَّهُ بِالْآجُرِّ، فَأَصَابَتْهُ آجُرَّةُ فِي مَفْرِقِهِ حَتَّى فَلَقَتْ رَأْسَهُ، فَوَقَفَ قَائِمًا وَهُوَ يَقُولُ:
وَلَسْنَا عَلَى الْأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدِّمَا قَالَ: ثُمَّ وَقَعَ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ مَوْلَيَانِ وَهُمَا يَقُولَانِ: الْعَبْدُ يَحْمِي رَبَّهُ وَيَحْتَمِي، قَالَ: ثُمَّ سُيِّرَ إِلَيْهِ فَجَزَّ رَأْسَهُ "

اسم الکتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء المؤلف : الأصبهاني، أبو نعيم    الجزء : 1  صفحة : 331
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست