responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حجة الوداع المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 452
517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا -[453]- مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَفِيهِ: §فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ تَلْبِيَتَهُ، فَصَحَّ بِهَذَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» إِنَّمَا هُوَ اخْتِصَارٌ مِنْهُ وَظَنٌّ، لَا مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ، وَيُوَضِّحُ هَذَا إِيضَاحًا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ جُمْلَةً، وَيُصَحِّحُ مَا قُلْنَاهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ذَكَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ، أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَحِلَّ مِنْهَا، وَهَذِهِ هِيَ صِفَةُ الْقِرَانِ، وَهَكَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَأَنْتَ إِذَا أَضَفْتَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي حَسَّانَ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِحَجٍّ قَوْلَ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ صَحَّ الْقِرَانُ يَقِينًا، وَاتَّفَقَتْ كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ هَذَا إِلَّا بِتَكْذِيبِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ مَنْ كَذَّبَ إِحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِمَّنْ كَذَّبَ الْأُخْرَى، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهَذَا تَتَآلَفُ جَمِيعُ الرِّوَايَاتِ، وَيَصِحُّ تَصْدِيقُ جَمِيعِهَا وَإِضَافَةُ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ، فَوَهَتْ رِوَايَاتُ الْإِفْرَادِ وَسَقَطَتْ كُلُّهَا -[454]-، ثُمَّ عُدْنَا إِلَى الرِّوَايَاتِ فِي التَّمَتُّعِ فَوَجَدْنَا عَائِشَةَ وَعُمَرَ، وَعَلِيًّا وَابْنَ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذَكَرُوا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَمَتَّعَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ لَمَّا فَسَّرُوا قَوْلَهُمْ ذَلِكَ، أَتَوْا بِصِفَةِ الْقِرَانِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى أَتَمَّ جَمِيعَ الْحَجِّ، وَصَدَرَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا احْتُمِلَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ، وَسَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي التَّمَتُّعِ، أَنَّهُمَا عَنَيَا بِذَلِكَ الْقِرَانَ مَعَ شُهْرَةِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَنْقُولِ نَقْلَ الْكَافَّةِ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوِ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمْرِهِ مَا اسْتَدْبَرَ مَا سَاقَ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلَهَا عُمْرَةً، وَلَأَحَلَّ كَمَا أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَحِلُّوا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ فِي بَابِ فَسْخِ الْحَجِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الصِّحَاحُ الْمَشْهُورَةُ تُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، ثُمَّ أَحَلَّ مِنْهَا، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَصَارَ مُتَمَتِّعًا، فَلَمَّا وَهَتْ رِوَايَاتُ التَّمَتُّعِ وَبَطَلَ الْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا رِوَايَاتُ الْقِرَانِ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهَا، وَثَبَتَتْ صِحَّتُهَا إِذْ مَنْ وَصَفَ صِفَةَ الْقِرَانِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، وَلَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا وَهْمٌ، وَمَنِ اعْتَرَضَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْسُبُ الْكَذِبَ الْمُجَرَّدَ إِلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَيَصِفُهُمْ بِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَوْلًا لَمْ يَسْمَعُوهُ، وَحَدَّثُوا بِعَمَلٍ طَوِيلٍ لَمْ يَكُنْ كَمَا حُدِّثُوا، وَهَذَا فَظِيعٌ جِدًّا لَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ ذُو وَرَعٍ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَكَانَ الرُّوَاةُ لِلْقِرَانِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، مِنْهُمْ سِتَّةٌ مَدَنِيُّونَ -[455]-، وَوَاحِدٌ مَكِّيٌّ، وَاثْنَانِ بَصْرِيَّانِ، وَثَلَاثَةٌ كُوفِيُّونَ، وَبِدُونِ هَذَا النَّقْلِ تَصِحُّ الْأَخْبَارُ صِحَّةً تَرْفَعُ الشَّكَّ، وَتُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، فَصَحَّ بِذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ، وَكَانَتْ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا مَنِ ادَّعَى الْإِفْرَادَ أَوِ التَّمَتُّعَ غَيْرَ مُخَالَفَةٍ لِرِوَايَةِ الَّذِينَ رَوَوُا الْقِرَانَ، وَلَا دَامِغَةً لِلْقِرَانِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّ جَابِرًا كَانَ أَحْسَنَ الصَّحَابَةِ اقْتِصَاصًا لِلْحَدِيثِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لِرِوَايَتِهِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، أَنَّ جَابِرًا وَإِنْ كَانَ وَصَفَ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فَقَدْ وَصَفَ حَالَ نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ

اسم الکتاب : حجة الوداع المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 452
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست